عن رواية الراووق

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


الراووق: عبد الخالق الركابي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “الراووق” (1986)، لعبد الخالق الركابي (واسط/ 1946).


عبد الخالق الركابي أحد أهم الرائيين العراقيين والعرب، وهو أحد أهم خمسة أو ستة روائيين عراقيين في ما أسمّيهما مرحلتين في تأريخ الرواية العراقية، مرحلة 1981-2002، ومرحلة ما بعد 2002. عُرف، في أغلب رواياته التي بلغت العشر وربما زادتها، باهتمامه بعراق نهاية الدولة العثمانية وبداية عصر الدولة العراقية وصولاً إلى الحرب العالمية الثانية، ولكن دون مغادة لعراق ما بعد ذلك.


“ليست (البواشق)، كما يمكن ان نفهمها، من طريقة تعامل الرواية معها، بالعشيرة العادية، هي العشائر كلها، بل العراق ممثَّلا بأبناء الريف بالتحديد، وبالتالي فإن معاناة أبنائها هي معاناة العراقي، وحياتهم هي حياته، وتارخيهم هو تاريخه، وهذه هي برأينا الفكرة الرئيسة التي تقوم عليها الرواية. والواقع أن عبد الخالق الركابي لم يكتف بتجسيد جانب من تاريخ العراق عبر تاريخ (البواشق)، بل هو استعان بالتاريخ الحقيقي لدعم ذلك. فبدراية ووعي اعتمد أسلوب المسايرة بين الأحداث الروائية والأحداث التاريخية- الحقيقية أو ذات الاساس الحقيقي- لكنه لم يسمح للحدث الحقيقي بأن يحتل مكانة في لُحمة الحبكة، الأمر الذي أخرج العمل من خانة الرواية التاريخية، وهو ما سبق ان فعله في روايته السابقة “من يفتح باب الطلسم؟”،.” من كتابي “هذا الجانب من مكان صاخب”، إربد، 2009.


“نفض (ذاكر القيم) عن مخطوطة (الراووق) الغبار وفتحها على بابها الأول، فطالعه البيتان:

حين انتهت صفوة الأيام بالكدر وكشّر الشر لي عن ناجذٍ أشر
لاح النذيـر لنا نجمـاً له ذنب تاريخه (كلمٌ في صفحة القدر)
فتذكر يوم تسلمه سدانة المزار عقب موت القيم السابق: حينها أصبح في استطاعته تصفح هذه المخطوطة بعد سنوات طوال كان يحظر عليه سلفه خلالها مسّها، ففتحها لأول مرة على هذين البيتين اللذين أرخ بهما (السيد نور) تاريخ النجم المذنب مبتدئا بذلك كتابة هذه الصفحات”- الرواية.” من رواية “الراووق”، لعبد الخالق الركابي، ص7.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *