وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
التوأم المفقود: سليم مطر
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي، وليست كلّها، عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “التوأم المفقود” (2001)، لسليم مطر (بغداد/ 1956).
سليم مطر روائي عراقي ترك العراق نهاية السبعينيات بسبب يساريته، واستقر في جنيف بداية الثمانينيات. له، ضمن مجموعة كتب، رويتان، التي نتوقف عندها، والأخرى “اعترافات رجل لا يستحي”.
“نعرف عن بطل الرواية أنه متزوج من السويسرية (مارلين) وينتظر منها مولوداً في أية لحظة، وهذه الحالة، ولا نقول التجرببة، نعني زواج العراقي أو العربي من أجنبية والإنجاب منها، من الحالات غير الشائعة كثيراً في الرواية العراقية والعربية عموماً، كونها تمثل، من وجهة نظر الروائيين وربما قرّائها عاديين ونقاد، تزاوجاً بين الشرق والغرب، أو بين العرب والغربيين، وتحقُّقَ التمازج بينهما ونجاحه بتحقّق الإنجاب، مما لا نجد إلا عدداً محدوداً من الروائيين، وكما ربما من العرب عموماً، يؤمنون به، على الأقل ظاهرياً. ويتعزز استغرابنا من هذا أن الولادة المتحققة من زواج عراقي أو عربي بغربية، في هذه الرواية، يأتي بشكل بُشرى. ولكن إذا كان لنا أن نستغرب هذا، إذن، فإنه استغرابٌ يزول، باستغراب آخر، وتحديداً حين نتلّمس كراهية هذا العراقي/ العربي لماضيه في الوطن.” من الملف الخاص عن الرواية، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“آه منكِ يا بلادي لا أتذكر منك غير التعب والوجع والإذلال. لم أتذوق فيك براءة طفولة لا طيش مراهقة ولا حلم شباب. هجرتُك ولم آخذ منك حفنة تراب. رغم هذا فأنت ورائي ورائي، بذكرياتك الحزينة وأبنائك المشاكسين وأخبار كوارثك ورعبك الذي لا ينتهي. بلغ بيَ الأمر أني طالما تمنيتُ، وبصورة واقعية وصادقة، بأنْ يكتشف الطب ذات يوم طريقة ممكنة لإجراء عملية اقتلاع تلك الخلايا الخازنة للماضي، لكنتُ اقتلعتها كلها عن بكرة أبيها” من رواية “التوأم المفقود”، لسليم مطر، ص17.