عن رواية البحث عن وليد مسعود

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


البحث عن وليد مسعود
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “البحث عن وليد مسعود” (1978)، لجبرا إبراهيم جبرا (بيت لحم/ 1920-1994).


لعل جبرا أكثر كاتب لا نحتاج إلى التعريف به، كونه علماً كبيراً ومثقّفاً مؤثراً في أجيال من المثقفين العرب، وقد توزّع نشاطه الإبداعي على الشعر، والرواية، القصة القصيرة، والفن التشكيلي، والترجمة، والنقد الأدبي، والنقد الثقافية، والعمل الأكاديمي.


“وهكذا فإن (وليد مسعود) هو البؤرة أو المنبع الذي تنبع منه وتصبّ فيه الرواية كلها بخطوطها الرئيسة وتفرعاتها. والواقع أن هذه الحقيقة الفنية هي انعكاس لحقيقة واقعية خارج الرواية، أي في المجتمع العربي، كون الفلسطيني في حقيقته أصبح قلب الوطن العربي وروحه، بغض النظر عن المواقف المختلفة للكتل والاتجاهات السياسية العربية العديدة من فلسطين. إن هذه الاتجاهات والمواقف والآراء تعكس علاقات روحية ومواقف أيديولوجية وارتباطات مصلحية، ومواقف رافضة، بل حتى عدائية أحياناً. إذن فالرواية هي، ككل، انعكاس لصورة الواقع العربي في حقبة أو حقب بعينها، ومن وجهة النظر الرئيسة للرواية التي هي إلى حد كبير الكاتب نفسه بطبيعة الحال، وهذا ما ينطبق على صور الشخصيات كما رسمها. من كتابي “الرواية في العراق 1965-1980 وتأثير الرواية الأمريكية فيها.


“بغتة انفجرت الغرفة بي انفجارا مرعبا، وقذفت الصحن من يدي، وألقيت الغطاء عن جسدي ووثبت على قدميّ، وأنا أزعق لكي أُسمع صوتي من خلال زوبعة الموسيقى:

“وليد! أنت رهيب! أنت لعين! لعين! حطمتني، هشمتني! أريدك، أشتهيك، سأقتلك، وأقطّعك قطعاً صغيرة، وآكل كل قطعة فيك.
“ووقعت على صدره، وأنا أخبط بقبضتي على صدره، وانفجرت ببكاء صارخ لم أبك مثله في حياتي، وجسمي ينتفض انتفاضات ذبيحة وهو ممسك بي بقوة بين ذراعيه، وأنا أنتفض وأعول في نشوة راعبة…” من رواية “البحث عن وليد مسعود”، لجبرا إبراهيم جبرا.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *