وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
أمس كان غداً: كاظم الأحمدي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “أمس كان غداً” (1992)، لكاظم الأحمدي (البصرة/ 1944-2008).
القاص والروائي كاظم الأحمدي أحد أعلام السرد العراقي المهمين، وتحديداً خلال الربع الأخير من القرن السابق. له عدة روايات ومجاميع قصصية، أهمها رواية وقفتنا الحالية، ومجموعتا “هموم شجرة البنبر”- 1975، و”طائر الخليج”- 1976.
“تكاد البريطانية (المسز فليمن) تكون السلطة العليا في عالم رواية )أمس كان غداً( لكاظم الأحمدي، بشخصياتها العراقية والبريطانية بمن فيهم زوجها (المستر فليمن)، لتثير، بشخصيتها وتسلطها وسلوكها، الصبي العراقي (عقيل) الذي ينقل لنا الأحداث متمركزةً حولها، وهو الاستغراب الذي يتطور ليتحول إلى ريبة بها وبكل تصرّفاتها وبما تقوم به ومعه ومع زوجها، بل حتى رعايتها لكلبتها (أشا)”. من كتابي “نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة”.
“وأنا في بيت فليمن، كنت أشعر بأنني أحمل زيادة من اللحم بين فخذي، كان لحماً عصياً ووقحاً في حركته- وهي تضعني أمامها- توقفني عارياً إلا من لباسي المدرسي… كانت تضع لوحة عريضة مربعة ذات مساند وأرجل طويلة، ترتفع عن الأرض بارتفاع ساقين، ومن تحتها أرى ساقَي زوجة فليمن عاريين- لأنها- في هذا اليوم ترتدي بنطلوناً قصيراً، ضيقاً، أبيض، وقميصاً شفافاً أبيض- يكاد لا يمسك جسدها… وأرى جسدها أحمر، قانياً من وراء القميص.. كل شيء يظهر من وراء القميص.. أرى صدرها والكرتين الملمومتين الدافقتين تصطرعان تحت لمعان ضوء خفيّ…”. من رواية “أمس كان غداً”، لكاظم الأحمدي، ص11.