وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
أدمون صبري: زوجة المرحوم
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند القصة الطويلة “زوجة المرحوم” (1962)، لأدمون صبري (1921/1975).
إدمون صبري أحد قاصي الخمسينيات، عُرف بكتابة ما يمكن أن نسمّيه القصة الاجتماعية، وهي عادة قصة قصيرة. لكن أدمون صبري كتب روايات، أو على الأقل روايات قصيرة وقصص طويلة. وتعلقّاً بوصف قصصه بالاجتماعية هي عُنيت بالحياة الشعبية العراقية والشخصيات العراقية، ولاسيما البغدادية، ولذا ليس غريباً أن أهم فيلم سينمائي عراقي، وهو (الحارس)-1967 – قد أُعد عن إحدى قصصه.
من جميل ما يعجبني في عموم كتابات أدمون صيري، ولاسيما قصصه الطويلة، وكما هو الحال في هذه القصة، جمال رسمه للشخصيات التي تحس وهو يقدمها لك وكأنها جالسة أمامه وهو يرسمها، لتكون أليفة وواضحة وقريبة لك، سواء أحببتها، وفقاً لدورها في القصة، أم لم تحبها.” من الملف الخاص بالقصة، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“جلستُ نحو نصف ساعة، لم أشعر بالضجر قط، إنما استغرقني التفكير في هذا الصديق الجديد الغريب الأطوار الذي اندفع إلى صداقتي اندفاعاً غير إرادي. كنت أرفع إليه ناظري وأتأمل في يديه العاملتين في حمل المبارد والمطارق الصغيرة ورأسه الكث الشعر المنتهي بسالفين موخوطين بالشيب”، من القصة الطويلة “زوجة المرحوم”، لأدمون صبري.