عن الحي اللاتيني

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


الحي اللاتيني: سهيل إدريس
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “الحي اللاتيني” (1954)، للروائي اللبناني سهيل إدريس (بيروت/ 1925-2008).


سهيل إدريس كاتب لبناني، ارتبط اسمه بدراسة الأدب القصصي والروائي العربي، وبدار (الآداب) العريقة، ومجلتها الشهيرة (الآداب)، وباهتمامه المبكر بالوجودية، وبالرواية وبثلاثيته الروائية “الحي اللاتيني”، و”الخندق الغميق”، و”أصابعنا التي تحترق”.


“هي إحدى روايات الجيل الثاني من أجيال الروائيين العرب المتعاملين روائياً مع الغرب ومع لقاء الشرق والغرب. بوعي وموضوعية وفهم ومعرفة واضحة وعملية، يتعامل الكاتب فيها مع شخصية الأوربي ممثَّلاً بالفرنسيين. فلا يكون غالباً مديناً مسبقاً للغرب، ولا معرَّفاً بإعجاب ساذج به، بل هو يتعامل في ذلك تعاملاً إنسانياً ناضجاً. لكنه في الجانب الآخر، ربما يلتقي مع جل الروائيين في الموقف السلبي من اللقاء إلى درجة الاندماج، وما ومثّل ذلك إجهاض المرأة الغربية لجنينها من علاقتها بالبطل العربي الذي يتخلى عنها الذي ليعني رفض التزاوج العربي الأوروبي.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.


“وإذن، فإن عليه أن ينظّم مخيلته من جديد، أن يطبع الصور بهذا الواقع الذي يُفسد عليه عالماً كان قد رتّب شؤونه واطمأن إليه. تلك هي غلطتك الكبرى! حسُّك هذا الذي يريد أن يتنبأ بكل شيء، وأن يأخذ العدّة لكل أمر. دع شؤونك مرة تجري في أعنّة المفاجأة، وحطّمْ هذه القوانين الصارمة التي تحيط بها نفسك دون ما جدوى… ولكن لماذا قدِم باريس في الحق؟ أفراراً من.. الخطيئة نفسها؟ اخرسْ هذا الفضول! إنا الآن في باريس، حسبُك هذا. أتيتَ فلا تسلْ لِمَ أتيتَ. عش قليلاً دون ما تفكير وتدبير. عش بوهيمياً، لعلك تدرك فيما بعد السبب العميق لمجيئك، ربما تدرك ذلك إذ تعود إلى بلادك.” من رواية “الحي اللاتيني”، لسهيل إدريس.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *