حوار مع مجلة الجديد

 استطلاع مجلة “الجديد”

حول فن كتابة القصة العربية القصيرة

ميسلون هادي

  • ما هي مكانة القصة القصيرة لدى قراء الأدب العربي اليوم؟
  • كثيراً ما استحوذت قصص قصيرة بعينها على تفكيرنا أيام الشباب، وكم أثرت فينا بعض القصص وأسرتنا بسحرها، بحيث تركت أثراً لا يمحى في عقولنا. ولكن بالتأكيد تراجعت مكانة القصة القصيرة اليوم بسبب استغناء الشباب عن القراءة لصالح وسائل التواصل الاجتماعي حتى أصبحت البوستات أو المنشورات ذات تأثير أكبر على العقول، ومن خلالها يمكن إيصال رسائل معينة إلى الجمهور قد تكون مهمة، ولكن باعتقادي أنها أقل عمقاً من القصة القصيرة التي يشبه أثرها الشفاف على وعي القارئ أثر جنح الفراشة على الأصابع .
  • هل جددت القصة القصيرة من أساليب كتابتها؟
  • القصة تحتمل التجريب كثيراً، ونجد طيفاً واسعاً من التجارب السردية اختصت بها القصة تحديداً فكانت قصيرة جداً أو برقية أحيانا،ً أو على شكل ومضة من سطر واحد، أو أنها استخدمت تقنيات السينما و تكنولوجيا التواصل كالموبايل والسكايب والفيس بوك،  ولكن يبقى الشيء المميِّز في كل قصة هو توظيف بعض الأحداث العابرة  لإثارة بعض الأسئلة التي تحرك البركة الساكنة.
  • هل أفقدها التجريب أهم مميزاتها كجنس أدبي مستقل بذاته؟
  • لا أتخيل ذلك. فالكثير من كلاسيكيات القصص القصيرة للأسماء المعروفة، لا يمكن قراءتها الآن إلا ضمن سياقها التاريخي. وإذا ما وجدنا قصة صالحة لكل زمان ومكان فهذا يعني أنها تجاوزت حاجز الزمان. أي أنها كانت تجربة مختلفة عما هو تقليدي أو سائد من النصوص.
  • هل تحولت لغة القصة القصيرة لتصبح أقرب إلى الشعر وفضاءاته منها الى السرد؟
  • حدث هذا الخلط من باب التجريب أيضاً، ولكن هذا النوع من التجريب يفقد القصة أهم ميزاتها وهو إيصال فكرة معينة من خلال حدث معين، أو تعاقب أحداث معينة تنمو وتقود إلى إحداث هزة في وعي القارئ.
  • هل فقدت القصة مكانتها وتنازلت عنها لفائدة أنماط إبداعية اخرى؟
  • مع الأسف فإن هناك تركيزاً كبيراً على الرواية في السنوات الأخيرة. وهذا واضح من كثرة الجوائز العربية والعالمية التي تهتم بالرواية وغياب الجوائز التي تهتم بالقصة القصيرة. في الماضي البعيد كانت هناك المعلقات السبع، وهي جائزة مشابهه للبوكر ولكن في مجال الشعر العربي، حيث كانت هناك سبع أو عشر قصائد تعلق على الكعبة للتدليل على تميزها. أما القصة القصيرة فمع الأسف لم يُحتفى بها بأي من الطريقتين، مع أنها فن صعب وساحر.
  • هل دفعت الرواية بالقصة إلى العتمة وجعلتها فنا شاحبا غير مطلوب ولا مثير للاهتمام؟
  • نعم حدث ذلك، فكما ذكرت لعبت الجوائز دوراً كبيراً في تسليط الضوء على الرواية، وقلة الاهتمام بالقصة القصيرة، كذلك فأن المزاج العام للقراءة يتغير بين فترة وأخرى، وليس بالضرورة أن تكون هناك أسباب محددة، وإن كنت أعتقد أن سبب تغير مزاج القارئ هو كون الرواية هي الأقرب إلى تقديم عوالم عجائبية قد تنافس تقنيات السينما التي تستحوذ على اهتمامات الشباب.
  • هل يمكن للقصة أن تعبر عن الراهن العربي والإنساني اليوم، في ظل سيطرة الرواية كفن جامع؟
  • ميزة التكثيف التي تنطوي عليها القصة القصيرة قد تلخص وضعاً معيناً في كلمات قليلة. وقد تكون القصة أقدر على تقديم مثل هذه التجارب.
  •   لماذا يهجر أغلب القصاصين كتابة القصة القصيرة إلى الرواية، هل في ذلك قصور لهذا الجنس عن حمل هموم كتابها؟
  • وأنا وإن كنت قد كتبت الكثير من الروايات إلا أنني أعتبر نفسي ما زلت مخلصة لفن القصة القصيرة الذي يتيح للكاتب حواراً أعمق مع النفس، تتصل من خلاله الروح الفردية بالروح الجمعية أو تجعل ذاكرة الكاتب تلتقي بذاكرة المجتمع، والقصة القصيرة يمكن التدرب على كتابتها من أجل كتابة قصة أفضل وليس من أجل كتابة رواية.
  • ماهو مستقبل القصة القصيرة كجنس أدبي له معالمه الخاصة؟
  • سحر القصة هو الذي يدعنا نكون في الخيال و الواقع في الوقت نفسه.  وقد كانت مصدر إلهام للكثير من الكتاب والقراء على حد سواء. بما أن العالم الافتراضي أصبح هو الشغل الشاغل للشباب، فيبدو أن القصة القصيرة  تأخذ الآن استراحة المحارب.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

حوار منبر العراق الحر

القاصة والروائية العراقية الكبيرة ميسلون هادي بضيافة مقهى الماسنجر الثقافي منبر العراق الحر15-2-2025 يبقى الشيء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *