حوار سميرة التميمي مجلة سيدتي

مجلة سيدتي

أجرت الحوار سميرة التميمي

  1. ثلاث روائيات فائزات في جائزة كتارا للرواية العربية، هل هي اشارة إلى نضوج تجاربكن في الكتابة، أم هو بحث عن التوازن بين الفائزين ؟
  • أهم ميزات مثل هذه الجوائز هي تكريم  وتأشير التجارب الراسخة التي  لم تأخذ حقها من الانتشار العربي. ولا أعتقد أن هناك علاقة لاسم الكاتب أو جنسه بمعايير التحكيم، كما لا توجد كوتات مخصصة للنساء داخل الجوائز الأدبية، فلجان التحكيم عادة ما تتكون من نقاد وناقدات على درجة كبيرة من الحس النقدي والمعرفي، وليست لديهم أهواء القارئ السطحي، أو ميول الناشر التجاري.
  • ما هي تعويذة النجاح في المسابقات الثقافية ؟
  • العامل الأول والأخير للنجاح هو جدة العمل وجودته، ولربما الإعجاب به من النظرة الأولى، ولكن تلعب مجموعة عوامل أخرى دورها في تأهيل عمل ما إلى مراحل التنافس المتقدمة مع أعمال أخرى، فهذه الأعمال عندما تصل إلى القائمة القصيرة مثلاً، تكون متقاربة جداً مع بعضها إلى حد كبير، إذا لم تكن على قدم المساواة مع بعضها البعض، وهنا يحتمل أن تكون ذائقة أحد اعضاء لجنة التجكيم سبباً في ترجيح كفة الاصوات لصالح أو ضد هذا العمل. أيضاً قد تلعب الصدفة دورها من حيث لا يقوم الناشر  بترشيح العمل أساساً للجائزة، ولكن في النهاية وحتى مع اخذ كل هذه الاحتمالات بنظر الاعتبار فلن يصل الى الجائزة سوى عمل متميز، لأن الفلترة تكون دقيقة منذ البداية بين عشرات الأعمال المقدمة، وبالتالي فلا بد أن يكون العمل الفائز مستحقاً للفوز، لأنه قد مر بمراحل متعددة، وحصد تزكية أغلبية النقاد من أعضاء لجنة التحكيم بأنه الأجود بين جميع الأعمال المنافسة.
  • كيف تعلقين على روايتك الفائزة، وهل توقعتِ الفوز؟
  • توقعت الفوز، ولكني خشيت من تكرار بعض العثرات التي حدثت معي في جوائز سابقة، فروايتي (شاي العروس) مثلاً وصلت الى القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد قبل عامين، ثم حجبت الجائزة، وكان من المستغرب أن تحجب الجائزة بعد الإعلان عن القائمة القصيرة، أما روايتي( العيون السود) فقد فازت بجائزة نجيب محفوظ،ـ ولكن الرواية كانت قد فازت بجائزة أخرى، وأنا التي أخبرتهم بذلك، لأن الجائزة الأخرى كانت محلية، ولظني أن الصدق يحتم علي ذلك، فشكروني جداً على هذه المعلومة وذهبت الجائزة لكاتبة أخرى، وأخيراً فإن روايتي (نبوءة فرعون) فازت بجائزة باشراحيل عام 2008، ولكني لم أسافر إلى مصر لحضور حفل الجائزةـ، ولم استلم قيمة الجائزة لحد الآن، وأرجح أن القائمين على الجائزة لا يعرفون بهذا الأمر.
  • هل يمكن ان نقول ان الرواية هي أصعب الفنون ؟
  • الرواية هي كبخار ماء ساخن يجب أن يرتطم بعدة ألواح زجاجية لكي يتحول إلى قطرات ماء، فهناك الفكرة التي انبثقت منها الرواية، وهناك ما يجاورها وما يحيط بها من أفكار، وهذه الأفكار يجب أن تتعزز بالمادة البحثية التي تعطي للشخصيات تلويناتها الفلسفية أوالمعرفية بشكل عام.. وكل ذلك يتم من خلال مراجعات وأحوال تفرض نفسها على الشخصيات، وتخلق صلات جديدة بينها.. أنا عادة أكتب الرواية بثلاث مسودات على الأقل، وأحذف كثيراً أثناء المراجعة الأخيرة  والصعوبة كل الصعوبة، هي أن تعرف ماذا تحذف وأن تكون جريئاً في الحذف…. فهناك الكثير مما تم جمعه أثناء الشروع بكتابة الرواية.. هناك المعلومات المجموعة عن طريق البحث الميداني والنظري…. هناك أمثال شعبية وخرافات وطرائف وأغان يجب وضعها في المكان المناسب.. هناك تواريخ وأسماء يجب أن تكون حاضرة في مكانها الصحيح.. هناك القصاصات التي تتعلق بتفاصيل المكان، وهذا كله يجب أن يغربل ويوضع في ميزان تترجح فيه كفة التشويق على كفة  الدرس.
  • كيف توظفين تجاربك الحياتية في الكتابة ؟ وأية تجربة كانت الأكثر جوهرية في حياتك؟
  • الرواية هي مجموعة خبرات متجاورة ومتداخلة يتم التعامل معها بطريقة دقيقة بحيث تخضع للبناء الروائي الذي يحتاج إلى نظام صارم وهيكلة للفصول وفق متطلبات التسلسل الزمني للأحداث أو التسلسل المكاني أحياناً أو وفق أدوار الشخصيات المختلفة التي تشارك في رسم الصورة النهائية للرواية. خارطة الرواية وكل مساراتها تأتي من من الذاكرة الفردية الجمعية للكاتب ومن خارجها أيضاً، بمعنى إن هناك مركزية تتشعب منها شظايا وحكايا على عالم مفتوح دائماً أمام التفسيرات حيث يكون بالامكان الإقتراب من الحقيقة نسبياً دون الوصول إليها. ولكن يحدث أحياناً أن تخضع الرواية لأفكار مسبقة عن الشخصيات كما في روايتي (شاي العروس) التي كان بطلها أعمى يبصر فجأة فينبهر بالعالم من حوله.. في هذه الرواية بدأت الفكرة من بخار تصاعد من قدح شاي ساخن، فقلت لنفسي إن (ألفة) هذا البخار تقف حاجزاًبيني وبين الانبهار به كما ينبغي،ولو كنت قد رأيته لأول مرة لربما خفت منه، أو اعتقدت إنه سيترك أثراً على يدي.. من تلك الفكرة وضعت نفسي بين قوسين من السكون،  وتحديت نفسي بأن أرى العالم للمرة الأولى مثل محمود بطل الرواية، ثم نسجت خيوطاً لم أكن أعلم كيف ستلتقي أو تحوك ثوبها النهائي.  التحدي الآخر هو المكان أي عندما تتحرك الشخصية في بيئة معينة لا أعرفها جيداً، يشكل هذا تحدياً كبيراً لي ويحتاج مني إلى جهد كبير لتقديم تلك البيئة بشكل دقيق وهذا ما حدث في رواية (حفيد البي سي سي) التي تنحدر فيها الجدة الساخرة شهرزاد من مدينة تقع جنوب بغداد هي مدينة الناصرية، أما إذا كانت الرواية رواية حدث كما في رواية (العالم ناقصاً واحد) فإن التركيز يكون على مشاعر الشخصيات وتداعياتها تجاه هذا الحدث.. وهنا أشعر بأني أتدفق في منطقة وجدانية تخصني، ولهذا جعلت مكانها الروائي هو البيت.. حيث كان البيت العراقي، بكل تفاصيله وحكاياته الشعبية، بطلاً لها وللكثير من أعمالي، ومن خلاله كنت أنقل ما يدور خارج هذا البيت من أخطار وأهوال.. وهو ماأضفت اليه تنويعات محلية كثيرة في روايات أخرى كــــ(العيون السود) و(حلم وردي فاتح اللون) و(نبوءة فرعون) و(يواقيت الأرض) و(الحدود البرية).
  • هل طريق النجاح مجهد  ومكلف، وأي ثمن تدفعه الكاتبة عموما وفي مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص؟
  • الكتابة هي جائزة كبرى، وليست عقوبة أو معاناة، أي انسان تدركه حرفة الأدب رجلاً كان أو إمراة هو انسان محظوظ، لأنه سيتعامل طوال عمره مع الفكرة والكلمة، وسيكون حارساً للعدالة والخير والجمال، ولكن مع الاسف فأن الناس في بلادنا يحترمون طبيب الأسنان الذي يفني عمره ويداه محشورتان في أفواه الناس أكثر من احترامهم للفنان أو الكاتب الذي لا تلمس يداه غير  أدوات الرسم أو الكتابة.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

حوار منبر العراق الحر

القاصة والروائية العراقية الكبيرة ميسلون هادي بضيافة مقهى الماسنجر الثقافي منبر العراق الحر15-2-2025 يبقى الشيء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *