تقديم الشخصية في رواية حلم وردي فاتح اللون لميسلون هادي
جريدة المشرق 28 نيسان 2011
سرى أحمد صالح
نشأ الأدب النسوي وترعرع في الغرب ، ثم انتقل عن طريق التأثير والتأثر إلى المنطقة العربية مثل غيره من موضوعات الأدب والثقافة بشكل عام ، ولكن موقف الكاتبات العراقيات متباين حول هذا المصطلح ، فعالية ممدوح تقول عن هذه التسمية :- “يُهتم بمشروع النساء كأنهن يعشن في جزيرة ، أو كأن الرجل هو العدو”. أما لطيفة الدليمي فـ” ترى إن الهدف الأساسي من وراء السعي إلى تأصيل المصطلح هو إعادة الاعتبار إلى عمل المرأة (….) إن إعادة الاعتبار لموقع المرأة في المجتمع لا يمكن أن ينطلق إلا من إعادة الاعتبار لعملها أياً كان هذا العمل … بالمقابل فإن إعادة الاعتبار لكيان المرأة هو الشأن الأساسي لأدب المرأة”. أما ميسلون هادي فتقول “آن الأوان لكي يروى العالم من وجهة نظر امرأة ، وعلى الرجال الذين ينزعجون من الاهتمام بالأدب النسوي لمجرد إنه نسوي ، أن يعرفوا أن قمع المجتمع سلاح ذو حدين ، سيحجم المرأة ظاهرياً ولكنه من جهة أخرى سيطلق طاقاتها”.
إن الأدب النسوي ليس فقط تعبير عن قضايا المرأة ، بل نجد أن الكاتبات يعبرن عن واقع مجتمعهن وما فيه من قضايا عامة، ومن ضمنهن الكاتبة ميسلون هادي التي نحن بصدد دراسة روايتها (حلم وردي فاتح اللون) ، وهي روائية وقاصة عراقية ولدت في بغداد تخرجت من كلية الإدارة و الاقتصاد في عام 1976 ، بعد ذلك عملت في تحرير عدد من الدوريات الثقافية كالموسوعة الصغيرة و مجلة الطليعة الأدبية.. بدأت الكتابة في بداية العشرينات من عمرها ، وكانت تعبر عن العالم المحيط بها وهو عالم الشباب، فراحت تكتب ما يتناسب مع هذه الموضوعات ، وقد توجت هذه البداية الإبداعية بقصتها (أجنحة للفراشات) التي نشرتها في مجلة الطليعة الأدبية عام 1978 ، ولكنها فيما بعد تحول اهتمامها بقضايا الحياة العامة ، بدون أن تهجر الموضوعات الأولـى مع هيمنة المنحى الثاني على كتاباتها وكان لكتابات الكاتبة بين أدب أطفال وقصص الخيال العلمي وغـــيرها أثراً في جعل اسلـــوبها يختلف عن باقي الكـــــاتبات .
إن من أهم الموضوعات التي هيمنت على كتابات ميسلون هادي، هو موضوع الغياب والفقدان ، وهذا الإحساس نجده في روايتها (حلم وردي فاتح اللون) ، ومن خلال قراءتنا للرواية التي تدور أحداثها عن الواقع العراقي الحاضر سنلاحظ كيف تأثر هذه الأوضاع العامة على مختلف الشخصيات فالراوية (فادية)، وهي الشخصية الرئيسة في الرواية، تعود من ليبيا لتصادف مجموعة شخصيات عراقية وتعرض كيفية تغير أحوالهم بسبب تلك الظروف . أن الشخصيات كانت كثيرة، مما دفعنا إلى معرفة السبب في كثرتها ، وهل كان هناك دافع من كثرتها ؟ وهذا ما سنبينه لاحقاً بعد التعرف على ماهية الشخصية الروائية..
الشخصية كائن موهوب
الشخصيات من العناصر المهمة في الرواية ، ويمكن تعريفها حسب جيرالد برنس على أنها ” كائن موهوب بصفات بشرية وملتزم بأحداث بشرية” وترجع أهمية الشخصية حسب تعريف حسن بحراوي لـ” كونها تقع في صميم الوجود الروائي ذاته …. إذ لا رواية بدون شخصية تقود الأحداث وتنظم الأفعال وتعطي القصة بعدها الحكائي …. ، ثم إن الشخصية الروائية ، فوق ذلك تعتبر العنصر الوحيد الذي تتقاطع عنده كافة العناصر الشكلية الأخرى ….” أما ميشال بوتور فيقول : ” إن الروائي يبني أشخاصه شاء أم أبى ، علم ذلك أو جهله ، انطلاقاً من عناصر مأخوذة من حياته الخاصة ، وإن أبطاله ما هم إلا أقنعة يروي من ورائها قصة ، ويحلم من خلالها بنفسه ” . وكذلك للشخصية أهمية أخرى في تعبيرها عن هموم الكاتب إتجاه مجتمعه .
الكثير من الروايات العراقية قد عالجت هذه المسألة ومنها رواية (حلم وردي فاتح اللون) التي اهتمت كاتبتها في رسم أنواع كثيرة من الشخصيات في روايتها وهو ما يجعل من بناء الشخصية عند ميسلون هادي أمراً له خصوصية ، فلدينا من الشخصيات الرئيسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في الرواية وأولها شخصية الراوية ،وقد استخدمتها الكاتبة من داخل الرواية لاخارجها لتكون المحور الذي تدور حوله الاحداث، أما شخصية ختام فمن خلالها يمكن معرفة الظروف وتحولاتها وتأثيرها في باقي الشخصيات ، كما هو الحال بالنسبة إلى شخصية ياسر. بالنسبة للشخصيات الثانوية ، فكان لها دورها المتميز في إبراز الشخصيات الرئيسة، ولكنها لا تغير فكرتها ، فلدينا تحسين الصباغ وكان ظهوره في الرواية لإبراز شخصية سوف تظهر في الرواية أو تأكيد شخصية ظهرت ، وهو الحال نفسه بالنسبة إلى عمار فتى الحدائق ، فكان كلما يظهر لنا في الرواية يتكلم عن الحال الذي يمر به المجتمع العراقي في الوقت الحالي ، أما بالنسبة للشخصيات الرئيسية التي ذكرناها فهي في نفس الوقت شخصيات مستديرة ، لا تبقى على حالٍ واحدة في كل مشهد من الرواية تظهر لنا بشكل مفاجئ عن الشكل السابق ، مما يشدنا إلى العمل الروائي ، فهذه ختام في كل لحظة تفاجئنا بعمل غريب وكل هذا بسبب الظروف المحيطة بها في الماضي والحاضر ، فسفر ابن عمها وأملها أن يعود في أي لحظة جعلها تظهر لنا بتحولات غريبة ، وعندما فقدت الأمل بعودته بدأت تحرق مذكراتها وكل ما يتعـلــق بالماضي ، لـكي تبدأ حياتها من جديد على حد تعبيرها هي عندما تقول : ” لم أعد شغوفة به ، وأريد أن أبدأ من جديد. إن البشر الذين يجمعون العنتيكات من حولهم سيتحولون هم أنفسهم إلى عنتيكة ” شخصية ياسر أيضاً شهدت الكثير من التحولات الحادة وهو الذي، بسبب الظروف التي استجدت من حوله، تحول من طالب دراسات عليا في الموسيقى إلى متعبد ثم إلى مطارد من قبل قوات الاحتلال .أما الشخصيات الثانوية فكانت كلما تظهر نتذكرها ونميزها من دون الشخصيات ، لأنها كلما ظهرت لا تغير من أفعالها المستقرة ، منها مثلاً شخصية تحسين الصباغ.
الشخصية العابرة
وهي شخصيات عابرة تظهر في الرواية ، خلال تذكر فادية الراوية أحداث الماضي القريب متمثلاً بتلك الشخصيات كشخصية أم الراوية وجدتها وشخصية أم المكانيس وشخصية الدكتور ، ولكن بالعودة إلى الشخصيات الرئيسة نلحظ إنها من نوع الشخصيات المثقفة ، فالراوية كانت أستاذة في كلية الزراعة ، وهذا ما يظهر من خلال حوارها مع ياسر أو مع فتى الحدائق عمار ، عندما قالت له :- ” هل نسيت أني أعمل في كلية الزراعة ؟ فالمشتل إذن ضروري . وإن كان بعيداً ” أو في حديثها عن زميلتها ريم الأستاذة في كلية الزراعة التي ترد كشخصية مثقفة أخرى في الرواية وهذا ما نلحظه في قولها ” نسرع دون أن نتجول أو نتوقف عند المناحل والمشاتل التي كانت الكلية تعج بها فيما مضى … هي تركض إلى محاضراتها وأنا أركض إلى المختبر لأعرض على طلابي سلايدات القراد والفطريات والديدان الثعبانية وباقي الطفيليات التي تلتصق بالنباتات وتمتص عصارتها ، ثم نعود أنا وإياها بعد ذلك على عجل …” . فادية الراوية أيضاً قارئة للكتب وتطلعنا على ثقافاتها من خلال ما تعرضه من معلومات ثقافية عامة ، في أغلب الأحيان لا تخص الزراعة وإنما قد قرأتها من الكتب التي كانت لديها والتي تركتها فترة في بيت أختها ، ومن هذه المعلومات حديثها عن المرايا وكيفية صنعها وحديثها عن سور سليمان وغير ذلك ، وكذلك ما تتحدث به عن النباتات في حوارها مع ياسر ، أما ياسر فهو الآخر من الشخصيات المثقفة في الرواية ، فهو كان طالب دراسات عليا في الفن في أمريكا ، قبل أن يعود إلى العراق ويتم التعريف عنه في البداية من حديث والدته عنه :” أرسلته أكاديمية الفنون في بغداد إلى أمريكا لإكمال دراسة الماجستير في الموسيقى … وكانوا يتوقعون له مستقبلاً باهراً في العزف ويعدونه لقيادة الفرقة السيمفونية “.
إلى جانب الشخصـيات المثقفة توجد الشخصيات السياسية في الرواية ، فقد كان حضور أسماء السياسيين ظاهرة بارزة في روايتها ، منها شخصية عبد الكريم قاسم وأحمد حسن البكر و بوش و رامسفلد و عبد الناصر وعبد السلام عارف ، فقد تحدثت شخصيات الرواية عن هذه الأسماء لإظهار حالة المجتمع في الماضي والحاضر عن طريق سماع الأخبار أو الحكايات ، فكانت الشخصيات السياسية التي مرت على هذا المجتمع وما قامت به تضاء من خلال تذكر الماضي ، فتحسين الصباغ يذكر أحمد حسن البكر عند حديثه عن عزيز علي المغني في حواره مع الراوية إذ يقول: ” في السبعينات وبعد التأميم شاهدت عزيز علي لأول مرة في التلفزيون وهو يغني ” البستان ” قالوا وقتها إن أحمد حسن البكر أرسل إليه خمسين ديناراً مكافأة . ربما لم تكوني أنت قد ولدت بعد. ثم استطرد ضاحكاً : البكر أيضاً أهدى سيارات لادا إلى منتخب الشباب عندما فاز على إيران” ….. أما ختام فقد قدمت شخصية عبد الكريم الجدة المرافق الأقدم لعبد الكريم قاسم عند تذكرها لحياتها وحياة أهلها الراحلين فتحدثت عن طبائعه وكيف كان يتعامل مع الناس في حكمه .
شخصيات تتنوع وتوصف
بعد عرض أهم أنواع الشخصيات في رواية (حلم وردي فاتح اللون)، يمكن القول إن الكاتبة جعلت شخصيات روايتها متنوعة لكي تقول أن الأوضاع لم تستثني أحداً وقد أثرت في جميع الشخصيات المثقفة والشعبية وغيرها وجعلتها تفعل أموراً لم تكن تفعلها من قبل . ويلاحظ إعتناء الكاتبة في روايتها بالملامح الخارجية لشخصياتها ، فمن ذلك وصف الراوية الشخصية لختام بقولها :
” كنت أنظر إليها في النافذة ، فلمحت القفص المعلق في البيت المقابل تحمله امرأة تبدو نحيلة طويلة القامة …”
وكذلك قولها :
” هـل بالإمـــكان استخراج وجه أصـــلي قديم ونقي من هذا الوجه الشــاحب الباهت المخيف بعض الشيء والطيب في بعضه الآخر ؟ “
وقولها :
“جعلتني ابتسامتها العذبة استخلص صورتها الأصلية ، التي كانت عليها فيما مضى ، بدون هذا الغشاء من الحزن على الوجه ، وبدون هذا الغيم على العينين ، وبدون هذا البياض على الشعر الأشيب ” وفي وصف الملامح الخارجية لتحسين الصباغ تقول: ” خرجت إليه ، فور أن رأيته من نافذة المطبخ ، و أنا أشعر بسرور كبير أن يكون أول وجه أراه ، بعد انتهاء حظر التجوال ، هو وجهه الباسم الذي يفصح عن نفس نقية ويمتاز بالطيبة والسماحة و لطافة لا تخطئها العين في وجه بابلي من وجه أهل الحلة ” وبالطريقة نفسها ومن قرب الباب نفسها يأتي وصفها للملامح الخارجية لياسر ووالدته بقولها : ” ما أن استدار تحسين مودعاً ليغادر إلى بيته ، حتى بدا من خلفه شاب ملتح يمشي بصحبة امرأة طويلة القوام تضع الوشاح على رأسها ، والاثنان يتقدمان بسرعة متجهين نحوي ” .
وصفت ياسر أيضاً من خلال حوارها معه بعد ان أصبح داخل البيت :-
” توقفت أقدامه ، وكان جوربه ناصع البياض وفيه خط أسود . قلت له ولا يزال الضيق بادياً عليّ :-
اصعد
فضحك وقال :-
هل أنت خائفة عليَّ ؟ .. أم خائفة مني .”
من خلال الملامح الخارجية لختام وياسر نلاحظ تغيرها بين مكان وآخر ووفقاً للظروف المحيطة بهما أما فادية الراوية فكانت ملامحها تظهر من خلال جعلها معادلاً موضوعياً مع سيارة ريم :” إذ كنت أخرج من البيت بأكثر الملابس بساطة وبدون حلٍّ أتجمل بها أو زينة أضعها على وجهي سوى كحل العين ، وهذا شيء قريب مما تفعله ريم مع سيارتها التي تقول هي عنها إنها أصبحت لا تمسح عنها التراب ، لكي لا تبدو نشازاً وسط الخراب الذي يحيط بها” .
دواخل الشخصيات
في كتابه (الشخصية في عالم فرمان الروائي) يقول الناقد طلال خليفة سلمان أن دواخل الشخصيات هو ” ما لا نراه ظاهرياً رؤية العين و إنما ما يتعمق دواخل الشخصية من ملامح ، إنها تنصب على الأبعاد النفسية والفكرية التي لا يدرك كنهها ، إلا بالغوص في أعماق الشخصية وسير أغوارها ” ونلاحظ أن الكاتبة اعتنت بالملامح الداخلية لشخصيات روايتها إلى جانب اهتمامها بالملامح الخارجية كما سبق وبينا ذلك ، فهذه ختام تظهرها الكاتبة على إنها إنسانة غريبة تواجهنا بكل مشهد بحالة أغرب من الأخرى : ” ما فعلته تلك المرأة ، التي تتحرك مثل الشبح ، بدا غريباً ومقلقاً وخارجاً عن المألوف ” .. ” بعد الدخان تصاعدت النار ، فقلت لعلها تحرق بعض نفايات الحديقة أو لعله ثالث يوم من أيام ختام مع لياليها الغريبة “. “إنها غريبة الأطوار .. ولكنها فائقة الذكاء ، وسفر ابن عمها وخطيبها أثر فيها و فاقم من غرابة أطوارها ..” أما شخصية ياسر فهي شخصية عصبية المزاج ومتحيرة وقلقة هذا ما ماأوضحته والدته بقولها :” أصبحت لا أعرف كيف أتحدث إليه … إنه غاضب على الدوام ” وقول الراوية عنه :” كان يتكلم ، وهو يقف على السلم ، عصبي المزاج والنبرة ، وجهه متعال وكلماته الخارجة من قلبه المحترق تقول إنها الحق الواضح وضوح الشمس ” ..” وإن هذا الرجل المحير الذي يبدو كل يوم في وجه جديد يكشف عن تطابق غريب وصادق بين كل الوجوه “…
وحسب كتاب عالم الرواية ، لرولان بورنوف وريال اوئيليه هناك طرق عدة يستخدمها الكاتب في تقديم شخصيات عمله ، منها أن تقدم الشخصية “بواسطة نفسها أو بواسطة شخصية ثانية أو بواسطة راو ٍ يكون موضعه خارج القصة أو بواسطة الشخصية نفسها والشخصيات الأخرى والراوي” وهناك لدينا تقسيم بين الإخبار والإظهار ويرى ( بورنوف وأوئيليه ) أن هناك وسائل أخرى مستخدمة في تقديم الشخصيات منها الرسائل والمنولوج ونعود إلى رواية ( حلم وردي فاتح اللون ) ، لنرى كيفية استخدام الكاتبة الطرق في تقديم شخصياتها ، حيث نلاحظ إنها استخدمت أكثر من طريقة في التقديم .
الشخصيات تقدم بعضها البعض
هذا يظهر من تقديم تحسين لشخصية ختام عن طريق حواره مع الراوية الشخصية حين قال : ” هذا البيت الذي يقابلك صبغته أيضاً قبل أن تشتريه ختام ابنة الشيخ عبد الله رحمه الله من طبيب هاجر إلى أمريكا …إنه ابن عمها … وكان المفروض أن تتزوجه ، ولكن لم يحدث نصيب ” وكذلك إعادة تقديم ختام عن طريق الحوار الذي دار بين فادية ووالدة ياسر. لدينا تقديم أم ياسر لجد ياسر ، وهي بنفس الطريقتين السابقتين عن طريق الحوار مع الراوية الشخصية حيث قالت :- ” والد زوجي ، جد ياسر ، كان ضابطاً قومياً ناصرياً … وهنا عاش أهل زوجي طوال الوقت ، ولكن عندما حكم البعثيون العراق سافر إلى مصر و أصبح لاجئاً سياسياً هناك . ومع أن عليه حكماً بالسجن فقد عاد إلى العراق بجواز مزور عن طريق الكويت … ” هناك أيضاً تقديم ياسر لشخصية الطبيب العراقي الذي كان معه في أمريكا ، وشخصية جوزيل عن طريق الرسالة التي كتبها ياسر، من خلال تلك الأمثلة يظهر لدينا إن أكثر التقديم جاء من خلال الحوار بين الشخصيات والراوية . استخدمت الكاتبة طريقة أخرى لتقديم شخصياتها ، وهي جعل الراوية الشخصية تقدم شخصياتها أو تقوم بإعادة تقديمها، منها تقديم شخصية تحسين وختام وعمار وأصحاب البيت الذي استأجرته. هناك أيضاً تقديم الشخصية لنفسها من خلال قيامها بدور إعطاء المعلومات ، ومن ذلك تقديم كل من الراوية الشخصية و عمار لنفسيهما عن طريق الحوار الذي دار بينهما في الفصل الثاني من الرواية بينهما ولاحقاً قدمت شخصية أم ياسر نفسها بقولها :- ” أنا والدة سارة التي كانت معك في ليبيا وهذا – أشارت إلى الشاب – ابني ياسر .. إنه في طريقه إلى سوريا …”
هذه أهم الطرق التي استخدمتها الكاتبة في روايتها ، وكان لكل طريقة من الطرق هدفاً يسهم في دفع الأحداث وتماسكها ، وهو ما يجعل من بناء الشخصية عند ميسلون هادي أمراً له خصوصية.. وقد اعتنت الكاتبة بتقديم شخصياتها بعدة طرق وتحدثت عن واقع المجتمع العراقي في الزمن الحاضر والأزمنة الماضية ، وقد منحت لشخصياتها الصفة الواقعية من خلال جعل لكل واحد منهم الإسم والوظيفة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*رواية حلم وردي فاتح اللون..صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2009