خطاب الفضائيات العربية
أفكار عملية لتقديم الثقافة إلى الشباب العربي
ميسلون هادي
مجلة الأقلام – بغداد
خطاب الفضائيات العربية
أفكار عملية لتقديم الثقافة إلى الشباب العربي
ميسلون هادي
مجلة الأقلام – بغداد
مقدمـة: خط الدفاع الأخير
بدأت لغة الصراحة والشفافية في الإعلام الغربي تنتشر وتتسع لتشمل مناحي ووجوهاً مختلفة من هذا الإعلام، عندما سادت في وقت مبكر من القرن الماضي الإعلانات التجارية التي تشير إلى رائحة العرق أو رائحة الفم أو إلى إزالة الشعر الزائد أو إلى الموضوعات النسائية الأخرى، التي كانت من أشد خصوصيات المرأة بعداً عن الإعلان. إن هذه الجرأة في طرح صور وثيمات جديدة وغير مطروقة من قبل في الإعلان التجاري، جاءت بعد تاريخ طويل من الترويج للبضائع الضرورية وصولاً إلى تلك اللحظة الكمالية التي أصبح فيها استهلاك الحرية ممكناً بعد الفراغ من استهلاك ضروريات المأكل والمشرب والملبس وهذه اللحظة توازيها وتأتي في عقابيلها لحظات مشابهة ستستهلك المزيد من الحرية إلى أن تصبح هذه الحرية الأتون التي يحترق فيه الفرد، بعد أن تبدأ باستهلاك خصوصياته وثوابته الاجتماعية فتدمر استقراره النفسي وتتركه مشوش الفكر والروح. وقد دارت عجلة الإعلام الأمريكي في هذا الاتجاه منذ زمن طويل جداً. لأن شروط الحرية لديهم تفاعلت مع متغيرات المجتمع في وقت مبكر، فكانت العلاقة بينهما طردية وجدلية. كلما زادت آفاق الحرية كلما سرّعت من تغير المجتمع، وكلما تسارعت متغيرات المجتمع لكما اتسعت شروط الحرية. وهكذا سارت عجلتها بسرعة كبيرة جداً وأصبح من الصعب إيقافها أو التحكم فيها، بالرغم من وجود القوانين والضوابط الاجتماعية التي تحدّ نسبياً من إطلاق العنان للمزيد العشوائي منها. وفي هذا الإطار نشاهد الإعلام الأمريكي، وفي حمى هذا الإيقاع السريع، يحاول أن يتسابق مع الزمن لإثارة حماس المشاهدين عن طريق اللهاث وراء الصرعات والمبالغات الإعلامية. فتارة تزدهر برامج (الكاميرا الخفية)، وتارة أخرى تزدهر برامج (المسابقات) وتقديم الجوائز الكبرى التي تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، وتارة ثالثة تقفز إلى الواجهة برامج (تلفزيون الواقع) التي وصل رذاذها إلينا، فقَبِلها من قبِلها، ورفضها من رفضها، ليبقى في النهاية، على ما يبدو، هذا الانفجار الفضائي تتساقط شظاياه فوق رؤوسنا المكشوفة كسقوط الحجارة بعد الزلازل. وبأسرع مما نتوقع غمرتنا الموجة العاتية وخضنا في الماء والطين وابتعدنا عن شميم أمنا الأرض واستبدلناها بالنجمات الفاتنات والمايوهات ورنات الموبايلات وأخبار الفنانين والفنانات. وواضح أن القنوات (الفنية) المشبوهة تلعب الدور الأكبر في إغراق جمهور الشباب برموز وصور الإسفاف المستعارة من ثقافات الغرب لتتدفق على المشاهدين بوابل من الهز والتلوي والانفراجات والتأوهات والتفاهات وكل ما يحتاجه الحيوان في داخل الإنسان من سقط المتاع. فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة وكل خطوة يخطوها (تاجر فن) أو مخرج مريض في هذا الاتجاه تجعل الطريق سالكة ومأهولة، وحلول العملة الأردأ تجعلنا نترحم على العملة الرديئة، ووجود أنصاف العرايا تجعلنا نترحم على أرباع العرايا. وهكذا تمضي رحلة الألف ميل دون أن نشعر أين صرنا وأصبحنا وفي أي أرض غريبة وجرد ناء رمى بنا الزمان.. ولكن الهز الفضائي مستمر في مصر ولبنان بينما تقوم الزلازل الأرضية في العراق وفلسطين وأفغانستان والعلاقة بين الاثنين، لو تعلمون، وثيقة لأن الإرهاب الفضائي هو الذي يغذي الإرهاب الأرضي ويؤججه فتعلو هذه الموجة كلما اشتدت تلك. إن نسبة هذه البرامج التي تندرج تحت بند التسلية، في الفضائيات العربية، تتجاوز السبعين بالمئة في إحصائية أشار إليها الإعلامي محمود سعد. والمائدة على ما يبدو ستظل منصوبة وستزداد أطباقها الفضائحية تنوعاً وابتكاراً في مطابخ الفضائيات المتأمركة .
إن مقياس (العرض والطلب) الرأسمالي هذا هو في حقيقته أمريكي بحت، وقد جرته علينا ويلات العولمة التي تحاول تسويق النمط الثقافي الأمريكي، والذي قد يكون مذاقه حلواً لأهله ولكن ليس كذلك لمن يتبناه عن جهل وسطحية، لأن العجلة عندما تدور وتنطلق فلا أحد يستطيع إيقاف تسارعها الرهيب، إذ سرعان ما تتسع شروط الحرية اثناء دخولها في علاقة جدلية مع تغيرات المجتمع ومع تقدم الزمن تتغير هذه الشروط بسرعة جديدة فيصبح الممنوع مقبولاً والخطأ صواباً. والنتيجة أننا نأخذ نحن نمطاً مريضاً من التفكير على علاته وهو ليس منا ولا لنا ولا يمثلنا ولا يشرفنا ولا يعزينا ولا يقدم لنا فائدة ولا يجر علينا سوى الويلات والمصائب والتطرف والتشدد وكل أشكال العنت والإنغلاق. فالشاب أو المراهق الذي سيشاهد الفتاة العربية أو المذيعة العربية في بعض البرامج والفضائيات، وهي تكشف عن مفاتنها وترطن بعشرات الكلمات الأجنبية في الدقيقة الواحدة وتتزين بطريقة فاقعة ومنافية للحس السليم، هذا الشاب سينقلب على أهل بيته ويتطرف في أفكاره ويصبح متشدداً في نظرته إلى المرأة فيحاصر حريتها ويقمع أبسط حقوقها في الحياة. ولأن المؤسسة التربوية عندنا عاجزة عن احتواء حيوية الشباب وتوجيهها الاتجاه الصحيح والبيت العربي لا زالت سلطته أبوية قامعة، فإن الشاب العربي سيقع تحت ضغوط ومعطيات هذا الغزو الثقافي، والنتيجة أن وقت الفراغ، والذي كان في أيام الستينيات والسبعينيات تملؤه السياسة والأناشيد الثورية والقصائد والنظريات، قد يصبح لشباب اليوم نهباً للمسابقات والاتصالات الهاتفية المعتمدة على أسهم الإتصالات في برامج مقنّعة للقمار يشارك بها المشاهدون دون أن يعلموا. أما النماذج التي تسوّقها هذه الفضائيات للشباب فهي، إضافة إلى الفنانين والفنانات، نماذج على غرار أبطال برنامج (ستار أكاديمي) والذي نقدم عنه في هذه الورقة قراءة نقدية شاملة، متبوعةً بأفكار عن المشروع الثقافي البديل، كما نراه، لإعادة العلاقة بين الشباب العربي من جهة والثقافة والكتاب من جهة ثانية، وباقتراح برنامج فكري أدبي مشوّق إسمه (العهدة على الراوي) نرفق مخططه بهذه الورقة.
(1)
جريمـة في بغـداد
عندما سقطت بغداد، قبل أعوام، وعمد المغول الجدد، كما فعل قدماؤهم، إلى حرق المكتبات ونهب الآثار وسرقة المأثورات وتحطيم الواجهات وإعادة مؤسسات الدولة العراقية مئة سنة إلى الوراء، أشّر ذلك السقوط وتداعياته تلك مرحلة حاسمة في تاريخ العرب الحديث، تمثّلت في تراجع الخيار العسكري أو الحربي كوسيلة لمجابهة الجبروت الأمريكي وآلته العسكرية المتطورة، ومن ثم تشرذم ذلك الخيار إلى جماعات مسلحة تنشط هنا وهناك، وهي لا زالت تمتلك الجرأة والإيمان والقوة لمجابهة تلك الآلة المهولة. ذلك، نعني الجبروت الأمريكي، هو الخط الأول الذي تهاوى حتى أمد غير معلوم ليضعنا أمام الخط الثاني له الذي يتهدد عالمنا العربي وهويته الحضارية، نعني به الثقافة الأمريكية كطريقة للتفكير قائمة على تمجيد الحياة وعشق المظاهر واللهاث خلف الماديات التي من شأنها جعل الأمريكان أبطالاً للعالم بالقلوب السعيدة. وهذه السعادة يجب أن تعاش وأن تمتص رحيقها من كل المضان والقوارير، وأن تُحمى وتُحرس من وحوش هنا وهناك تعمل آلتهم الإعلامية على اختراعها في أرض الواقع إن لم تجدها فعلا في العراق أو السعودية أو فلسطين أو أجزاء أخرى من العالمين العربي والإسلامي.
إن من حق كل إنسان أن يحصل على السعادة متى ما شاء. ولكن ما من شك أن المبالغة في إظهارها عند الحصول عليها ومحاولة القفز فوق هامش الحزن الإنساني الذي يربطك مع الكون بوشائج التأمل والتعبد والورع ، سيؤدي إلى رد فعل طبيعي عالمي تجاه هذه الحياة اللاهية والهوس الدنيوي الفاقع بالمأكل والملبس والمسكن وعمليات التجميل والنحافة والشباب وكل المتع التي يمكن الوصول إليها بأقصر الطرق وأقلها تعففاً دون مراعاة لأحزان أو مآسي باقي الشعوب. إن الثقافة الأمريكية (كما ينقلها إلينا الإعلام الأمريكي) تقدم الإحساس الفاقع بغرور الإنسان وبعده الشديد عن التواضع والهدوء والاتزان. فنبرة صوته عالية، وتصفيقه مبالغ فيه، والاحتفاء بالضيوف جنوني والتملق لهم غير واقعي، والضحكات صاخبة جداً، بل حتى طريقة المشي والتحدث والتحية استعراضية وصاخبة وبعيدة كل البعد عن التواضع، وهنا نشير إلى الطريقة التي يهبط فيها المسؤول الأمريكي على سلم الطائرة قفزاً ومرحاً وبطريقة فيها الكثير من الاستعراض والمبالغة والغرور، تلك هي صفات موجودة في صميم الشخصية الأمريكية، على ما يبدو، بل هي مقبولة بين مختلف فئات المجتمع بحيث لا يجدون غضاضة في التحلي بها أو الإعلان عنها.
إن الهجمة الأمريكية على العراق أثبتت بالواقع الملموس، ونحن شهود على ذلك، تلك النظرة المتعالية التي لا تعتبر حيواتنا وأحلامنا إلا معبراً أو طريقاً تدوسه الأقدام الهمجية والبساطيل العسكرية من أجل بلوغ أهداف السعادة الأمريكية وحمايتها من كل شر أو مكروه. وقد مكّنتهم أقمارهم الصناعية من كل صعب وبعيد المنال، وحقق لهم تفوقهم العلمي الدعم الذي يفرش ذلك الطريق بالورود والرياحين. هذه الهجمة الثقافية الفضائية العسكرية العولمية، التي تبدو في ظاهرها رسولاً للحضارة والسعادة والسلام، تعكس في حقيقتها تحفظاً وازدراءً خفياً تجاه العرب والمسلمين بشكل خاص، وهو شعور باطني متوارث من نظرة استشراقية مزمنة أشار إليها المفكر الراحل ادوارد سعيد في كتابه “الإستشراق” عندما قال: “والمستعمَرون الخاضعون، كما رآهم جورج أورويل في مراكش عام 1939، لا ينغي أن يعايَنوا إلا بوصفهم نوعاً من الفيض القاري الهائل، الإفريقي أو الآسيوي أو الشرقي”([1]). وينقل لنا رؤية أورويل هذه التي يقول فيها:
“حين تسير عبر بلدة كهذه- مئتا ألف من السكان، منهم على الأقل عشرون ألفاً لايملكون، حرفياً، سوى الأسمال التي يقفون فيها- حين ترى كيف يعيش الناس، وأكثر من ذلك، بأي سهولة يموتون، فإن من الصعب دائماً أن تصدق أنك تسير بين كائنات بشرية. وجميع الإمبراطوريات الاستعمارية في الواقع تؤسَّس على هذه الحقيقة. إن للبشر وجوهاً سمراء- وإلى جانب ذلك، فإن لديهم عدداً كبيراً منها! هل هم حقاً اللحم نفسه الذي هو أنت؟ هل لهم حتى أسماء؟ أم أنهم مجرد مادة سمراء لا متمايزة، أفراد بقدر ما النحل أو حشرات المرجان أفراد. إنهم يينبعون من الأرض، يعرقون ويعانون الجوع لبضع سنوات، ثم يغوصون عائدين إلى أكوام المقابر التي لا أسماء لها دون أن يَلحظ أحد أنهم ذهبوا. حتى القبور نفسها سرعان ما تنحلُّ رجوعاً إلى التراب”([2]).
فحري بالشعوب المقصودة بهذا ان تلملم شتات نفسها وتعقد الأمل والهمة على مراجعة آليات خط الدفاع الثاني والتخندق في موضع الثقافة ضد هذه الهجمة الهوجاء ما دمنا في الوقت الحالي عاجزين عن حمل السلاح، وقد عشقنا صمت المدافع ولم يعد أمامنا غير سلاح واحد قبل أضعف الإيمان. في هذا الصدد، يحمل الكاتب بلغيث سلطان([3]) على الولايات المتحدة الامريكية قيادتها حملة عالمية للتبشير بثقافتها كديانة كونية للبشرية معززة بترسانة مهولة من وسائل الإعلام والإتصال قصد بلورة الذهنية الجماهيرية عالمياً وفق إيقاعات وأبعاد هذه الثقافة، ثم يدعو ويحمّل وسائل الاعلام وفي مقدمتها القنوات الفضائية العربية مسؤولية كبرى للمساهمة في الارتقاء بالحوار بين الثقافات الى المستوى الحضاري المنشود وأن لا تتحول إلى أبواق لاستنساخ بعض نفايات الإعلام الغربي والترويج لشتى مظاهر المسخ والتغريب. ويضيف قائلاً بأنه ما يزيد على 192 قناة عربية تظل، على مدار 24، ساعة شبه غارقة في بث برامج ومواد الأغاني الساقطة والالفاظ النابية والمسلسلات المفعمة بالمظاهر المخلة بالحياء، والمسيئة لقيم ثقافتنا، كاحتساء الخمور والعناق والتقبيل، والرقص مع المحارم، وممارسة الجنس أحياناً، في حين تغيب، إلا نادراً، البرامج التي تلامس حقيقة الجرح العربي .ويشير الباحث إلى أن حضور البرامج الثقافية على خريطة البث الفضائي العربي يبدو باهتاً وضعيفاً– إلا ما ندر– وبذلك تنسحب البرامج الثقافية إلى المواقع الخلفية تحت ضغط مساحات الترفيه وتزجية الفراغ التي ما فتئت تتوسع يوما بعد يوم، فيما يظل نصيب المضامين يتعرض للتآكل والتهريب دون هوادة كاشفاً عن واقع المشهد الثقافي العربي المتأزم، فكثير من الفضائيات العربية لا هَمّ لها إلا تسويق الترفيه وبيع الكلام الماجن متنصلة من الاخلاقيات المهنية ومستهترة بمسؤوليتها امام المجتمع.
(2)
الثقافة الوافدة، أم المناخ التربوي الجامد؟
أوبرا، والدكتور فيل، وقنوات القمار
تعبر الثقافة عن نفسها في شكلين، أحدهما مادي وهو الفنون والآداب، بل حتى السلع، والآخر لا مادي، وهو السلوكيات والأفكار والمعتقدات والقيم.. إلخ. وكل هذه الأِشكال لا تكون ولا تتطور أو تنمو في عزلة، بل في الاطلاع والغنى والإغناء عبر الصلات والعلاقات الدولية التي تفع إلينا بما قد يتماشى مع ثقافاتنا، أو يتماهى معها، أو يختلف وقد يتعارض معها. هنا نعود إلى قضية الآخر، أمريكا والغرب، الذي بدأنا ورقتنا معه لنقول إن مهمة التطور في الغرب يأتي كنتاج ومعطى من معطيات المكاشفة ومحاورة الآخر، وهي أمور تحرص المؤسسة التربوية في الغرب على تعليمها للأطفال منذ الصغر فتراهم يفضفضون عما في دواخلهم ويُمنحون مطلق الحرية في التعبير عن أنفسهم سواء داخل صفوفهم الدراسية أو بين أهليهم في البيوت بحيث لا يُردعون أو يُقمعون إلا عند الضرورة القصوى. وعندما يكبرون تكبر معهم ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم على تقبلهم النقد وتوجيهه أيضاً إلى الآخرين فلا يعتبره الآخرون إنتقاصاً لهم ولا يتحسسون منه بل يتقبلونه أيضاً بروح موضوعية ورياضية، مما يجعل روح الديمقراطية، في النهاية، تسود بين الأفراد في حياتهم الإجتماعية قبل أن تسود في الحياة السياسية والقانونية والثقافية وباقي جوانب الحياة ومستوياتها. هذه القدرة الاستيعابية لما هو متأزم في المجتمع وإثارة الأسئلة وطرح القضايا والمشاكل بشكل صريح يتحول في الاعلام الأمريكي عادةً إلى مادة إعلامية. ولعل برنامج (أوبرا) ذا الشعبية المنقطعة النظير في أمريكا وجميع أرجاء العالم هو مرآة كبيرة موضوعة أمام المجتمع الأمريكي وتعكس مجمل أهوائه وميوله ومبالغاته أو أسلوبه في الحياة بشكل عام. فكل ما يخطر على البال تتم مناقشته في هذا البرنامج، من المأكل والملبس والرشاقة والجمال والأزياء وديكورات البيت، إلى التجارب التراجيدية أو الانسانية الحية ذات الموضوعات الساخنة والتي تُروى من أصحابها من الذين يعرضون أخطاءهم على الملأ أو يناقشهم فيها اختصاصيون في مختلف المجالات ومن ثم إظهار المسكوت عنه- إن كان مسكوتاً عنه في مجتمعاتهم أصلاً- أو جعله فرجة للعالمين وعلى الطريقة الأمريكية باعتباره يعرض من باب التحرر من العقد المكبوتة وتجاوز الأحزان والمآسي والتجارب المريرة. إن هذه الأمثلة الحية التي تعرض من باب التطهر سرعان ما سيحولها الإعلام الأمريكي إلى مادة إعلامية دسمة باطنها الألم وظاهرها البهرج البراق، أما الشرور والفضائح التي يسيل لها لعاب المشاهدين فهي التوابل التي ترش على هذه المادة([4]). هذا هو رأينا في مثل هذا النوع من البرامج([5]) والتي تحظى بمتابعتنا واهتمامنا لأسباب بحثية وإبداعية ولكن ليست هذه هي قضيتنا الآن وإنما نسأل من خلال طرح هذه النماذج هل إن المشاهد العربي الذي سيكون ضالعاً في مثل هذا النوع من البرامج مهيأ من قبل البيت والمؤسسات التعليمية والتربوية للتفاعل مع هذا النوع من الثقافة الوافدة أو المقحمة عليه؟
يقول الدكتور احمد يوسف سعد في بحثه الموسوم “أزمة المضمون في التربية العربية”:
“إن المضمون التربوي في تعليمنا العربي يقدم للمتعلم صورة جامدة لذاته ووجوده وعالمه في صياغات ونصوص مغلقة مدفوعاً بغايات ساكنة ليس من الصعب تخيل مواصفات الذهنية المنتجة عبره، ونمط مشاركتها مجتمعياً، ونزعم أنه يسير عكس اتجاه ثقافة المجتمعات الديناميكية الحية، فالذهنية أحادية الاتجاه أمْيَل للمسايرة منها للمشاركة، والذهنية المستهلكة أميل لأن تقاد لا أن تقود والذهنية الناقلة والمقلدة أعجز عن مواجهة المشكلات”([6]). ولعل هذا المناخ التربوي الجامد ، ناهيك عن المناخ السياسي الخامل السائد، هو الذي أنتج أجيالاً قابلة للاختراق وخالية الوفاض من أي هدف. فيما سبق كانت أوقات الفراغ تملأها الأحزاب والتيارات السياسية المتصارعة أيام الستينيات والسبعينايت، وكانت هناك قضايا وطنية وقومية يلتف الشباب العربي حولها، وكانت هناك نظريات سياسية وأغاني ثورية جميلة وكانت السياسة هاجساً ملحاً للغالبية العظمى من الشباب.. أوقات الفراغ هذه ستصبح فيما بعد، ومع الاسف، نهباً للكليبات والموبايلات والمسابقات والاتصالات الهاتفية ببرامج الفضائيات المعتمدة على اسهم الاتصالات والتي هي بعبارة أخرى برامج مقنعة للعب القمار، لأنها من استحصال أجور المكالمات الهاتفية تمنح جوائز للمشاركين. هذه إذا كانت هناك فعلاً جوائز للمشاركين .
إن عدم الإستعداد المجتمعي، بجميع جوانبه السياسية والتربوية والاقتصادية والاهم الثقافية، هو الذي يشكل قاعدة أو ارضية للاختراق، فكما يقول السيد معتصم السنوي: “إن علينا أن نتعظ من أخطاء الماضي فلا نواجه، عند حصولنا على استقلالنا الإعلامي، ما واجهناه عند حصولنا على استقلالنا السياسي: فراغاً وعدم مقدرة على المحافظة على استقلال مجتمعاتنا في تسيير أمورها الإنمائية”([7]).
(3)
العولمة والإسكندر ولورانس
يريد هذا البحث ، كما سبق وأن أشرنا، أن يطرح قضية الثقافة العربية كخط دفاعي أخير ضد الغزو، وتحديداً الثقافي الفضائي القادم عبر تحد رهيب متمثل بتقنيات مبهرة وبرامج ذات جاذبية هائلة، يقول مصطفى حجازي: “إطلالة القرن الحادي والعشرين، ومعها بداية الألف الميلادي الثالث، صعدت أولوية الملف الثقافي وزادت من حدته بشكل غير مسبوق. لا عجب في ذلك إذا تذكرنا أن الثقافة راهناً ومستقبلاً تشكل إحدى الإستراتيجيات الأربع الموجهة لقرارات الدول الكبرى وممارياتها، نعني إستراتيجيات السياسة، والمال، والحرب، والثقافة. أما في بلدان العالم الثالث، فإن الثقافة تمثل خط الدفاع الأخير عن الهوية الوطنية من خلال دورها النواتي على هذا الصعيد”([8]). إن الثقافة قادرة، بالتأكيد، على استيعاب طاقات الشباب، وفي ظل كل ما أشرنا إليه من قصور في المؤسسات التربوية والبيتية والمجتمعية ، لئلا يكون التلقي عبر أحدى السلوكيات الخطيرة الآتية:
1-التماهي مع هذا الوابل من الأفكار والقيم الإباحية الوافدة دون أن يكون محصناً ضدها.
2-الإحباط، وما ستتبعها من ظواهر وسلوكيات سلبية.
3-التطرف الديني كرد فعل على هذه الإباحية.
وقبل أن نطرح أفكارنا عن الكيفية العملية التي يتم بها تقديم الثقافة العربية على الفضائيات العربية، نجد من الضروري أن نذكر إن مظاهر الغزو الثقافي كانت موجودة على كوكبنا الأرضي منذ آلاف السنين، بل أن العولمة ذاتها كانت موجودة منذ ما يسمى بالفترة الهيلينية إبان فتوحات الإسكندر المقدوني للشرق حيث يذكر كادر جوستاين في كتابه الشهير عالم صوفي انه عندما كان القروي الهندي أو العربي أو الفارسي يخرج إلى الأسواق فيجد أمامه خليطاً من البشر والأفكار والسلوكيات لم يعرفها أو يعهدها في أعرافه وتقاليده كما يجد إن معتقداتهم ودياناتهم مختلفة عما يعتقد ويدين به فان هذا كان يدفعه إلى الإحباط ويشعر بالإنزواء لأنه فيما مضى كان يعتقد أن العالم هو عالمه فقط وأن معتقداته وتقاليده هي الوحيدة التي يجب أن تحترم لأنه لا يعرف سواها.
إن فكرة التعرض لمثل هذه التجربة ستتكرر وتتخذ تمظهرات عدة عبر الفتوحات والعمليات العسكرية ونشوء الإمبراطوريات وتوسع الأمم([9])، وإن كل شيء جديد سيكون موضع خلاف ورفض من قبل المجتمع في البداية، ولكن مع مرور الوقت واستتباب المشاعر وحدوث حالة التألف مع هذا الجديد([10])، وقبوله وتبني الصالح منه ونبذ الطالح من القديم، هو في النهاية ما يقود إلى تقدم المجتمعات وهرولتها إلى أمام. وهذا النوع من الجدل قد أُشبع (جدلاً) منذ أيام هيغل وماركس والديالكتيك.. ومع أن الأصوات التي تُحمّل الآخر آلامنا وآثامنا كثيرة جداً فلسنا من الدعاة إلى القول بمنع هذه التقنيات حجبها عن الشباب، وإلا كنّا كالنعامة([11])، ولكننا نريد أن نطرح قضية الثقافة كحل جميل وساحر.. كطاقة إبداعية، كمساحة داخل البث الفضائي ندعو الى توسيعها وزيادة فاعليتها على التأثير في المشاهد العربي وتشكيل وعيه، بل قدرتها على انتشاله من أوقات فراغه ومن برامج سطحية وتافهة، ربما تجعل المشاهد المراهق أو الشاب يتماهى معها كلياً لأنه غير محصن ضدها أو ربما تدفعه إلى الإحباط والانزواء إلى ذاته، إو إلى الطرف الآخر من المعادلة وهو التطرف الديني. بالإضافة إلى ذلك فإن الثقافة لا تخدم المشاهد بالشكل الذي يحصنه من الاختراق أو الإحباط أو حتى إلى التطرف، وإنما تجعله إنساناً قوياً وذكياً فاعلاً في مجتمعه.
(4)
مئة مليون متصل
جورج قرداحي، وعمرو خالد، وستار أكاديمي
للمتأمل المعني يكتشف ما أكثر المؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية التي تناولت قضية العولمة والغزو الثقافي والنظام العالمي الجديد، ففي مراجعتي لإحدى مكتبات العاصمة الإردنية عمّان وجدت عشرات العناوين التي تتناول موضوعات في هذا الميدان، وبعناوين غطّت جميع تفرعاته، مثل (العرب والنظام العالمي الجديد، وثقافتنا بين العروبة والكونية، والثقافة العربية والعولمة، ومستقبل الثقافة العربية في عالم متغير، والعولمة وحوار الثقافات، والتحدي والاستجابة في الثقافة العربية، والخصوصية في الثقافة العربية، والهوية والانتماء، والثقافة العربية وثقافات العالم)، وغيرها كثير. أما المؤتمرات العلمية التي أٌقيمت في مختلف الأقطار العربية، حول هذا، فهي بالعشرات. ولكن يمكن تصوّر ما يعنه هذا من حيث العدد الهائل من البحوث والأوراق التي قدمتها هذه المؤتمرات وتناولت جوانب الميدان، يكفي أن نشير، كمثال فقط، إلى أن كتاباً واحداً هو “الفضائيات العربية ومتغيرات العصر” قد ضمّ عشرات الأوراق والاستفتاءات عن تجارب الفضائيات العربية واستطلاعات عن آراء المشاهدين حول مختلف البرامج في مختلف الفضائيات، كالحرة والمصرية والإسرائيلية (الموجهة بالعربية) والجزيرة والكويتية ودبي وإم بي سي و سي إن إن واقرأ، وغيرها، وهي جميعاً أوراق مؤتمر واحد، وقد قام بإعدادها لفيف من الخبراء والباحثين ومتخذي القرار من كل أنحاء الوطن العربي([12]). أما الدراسات/الأوراق التي جاءت في هذا الكتاب فتنوعت تنوعاً واسعاً امتد من دراسات حول المضمون الإخباري في القنوات الفضائية إلى دراسات حول الإعلانات في الفضائيات العربية وحول الأغاني المصورة في القنوات الفضائية، وحول مختلف البرامج في القنوات الفضائية، بالإضافة إلى الدراسات الميدانية التي تضمنت جهداً هائلاً في تقديم استبيانات مهمة ومن صميم واقعنا الراهن عن علاقة الجمهور العربي بالقنوات الفضائية من نساء وأطفال ومراهقين على عينات تغطي مختلف المراحل العمرية، ومن مختلف الأقطار العربية، كمصر والسعودية والكويت والإمارات وتونس وفلسطين والأردن وعُمان([13])، بل شملت تلك الاستبيانات الاستطلاعية المهمة عينات لمختلف المفردات والمواضيع المختلفة، مثل (عادات وأنماط الجالية الإماراتية في بريطانيا تجاه القنوات الفضائية، واستخدامات طلاب جامعة الجزائر للقنوات الفرنسية وما تحققه من إشباعات، وواقع التلفزيون الخليجي من وجهة نظر طلاب جامعة السلطان قابوس، ودراسة في تأثير الدش على الطالبات لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية، وتأثير البث الفضائي، والأرضي في الشباب في سلطنة عُمان”، وغيرها.
ما أردنا قوله، تعلّقاً بهذا، هو إن الجهود النظرية المبذولة في هذا المجال كبيرة وجادة ومخلصة تبنتها جمهرة من أهم الكتاب والمفكرين والأكاديميين والصحفيين في الوطن العربي. ولكن بموازاة هذا الجهد الجبار، نحتاج إلى أفكار عملية لتقديم الثقافة العربية إلى المشاهدين بطريقة جذابة ومشوّقة وعلى غرار ما يقدمه مثلاً الإعلامي جورج قرداحي في برنامجه الشهير (من سيربح المليون) والذي يحبب المعرفة والمعلومات والثقافة إلى نفوس المشاهدين، مع أنه سار أيضاً في طريق التنافس والبهرجة والجوائز المالية الكبيرة. وإذا كان هذا البرنامج نسخة عربية عن برنامج أمريكي يحمل الإسم نفسه وتقدم نسخاً منه الكثير من تلفزيونات العالم، فإن هذا إنما يمثّل الجانب الإيجابي في تواصلنا مع الآخرين ومع ثقافاتهم هو الذي نريده ونسعى إليه . إذن عندما نعثر على الشكل الجديد المشوّق الذي يخدم روح العصر ويستطيع أن يجذب إليه عقول الجيل الجديد فلا بأس في الإسراع إلى اعتماد هذا الشكل وتفصيله على المضمون المعرفي الذي نريد توصيله إلى هذا الجيل لكي نحبب هذه المعارف إليهم خيراً من تقديمها بجزر معزولة وبرامج مملة وأشكال تقليدية مقدماتها الموسيقية تبعث على الكآبة والنفور. الروائي إدوارد الخراط يذهب في هذا الصدد إلى القول “بضرورة تقديم الثقافة من خلال برامج ممتعة تجذب المشاهد وتبتعد عن الجمود والجهامة… القنوات الفرنسية على سبيل المثال تقدم برامج وندوات تتضمن عروضاً للكتب الصادرة حديثاً حتى يساعد ذلك على الحفاظ على الكتاب والقراءة مع انتشار الوسائل الألكترونية وهو النموذج الذي لم أصادفه في أية قناة عربية وللأسف”([14]). إذن فلنبحث عن الوجوه ذات الجاذبية مثل الإعلامي جورج قرداحي، والشخصيات ذات الكارزما العالية مثل الداعية عمرو خالد، ونقدم من خلالها الثقافة العربية إلى الشباب العربي لعلنا نفلح وننجح في تحبيبها إليهم مثلما نجح عمرو خالد في تحبيب الدين إلى الجيل الطالع ونجح جورج قرداحي في تحويل المعلومات الجافة إلى مادة مشوقة يتنافس عليها المتنافسون . هنا لا بد من التوقف عند برنامج من (برامج الواقع) استحوذ أيضاً على اهتمامات شبابنا وشاباتنا في السنوات الأربع الأخيرة وباتت له شعبية واسعة بين صفوف المراهقين والمراهقات، بل بين العوائل بشكل عام والنساء من مختلف الأعمار بشكل خاص. هذا البرنامج هو ستار أكاديمي (أكاديمية النجوم) الذي تعرضه الشركة اللبنانية للإرسال (إل بي سي) كل عام، والذي يحظى بمتابعة واسعة لدى عرضه في الأشهر الأربعة الأولى من مطلع كل عام وبشكل يومي يساهم فيه المشاهدون، وعن طريق الفرجة اليومية والتصويت الأسبوعي، بالمشاركة في الحياة اليومية لطلاب يعيشون داخل أسوار الأكاديمية التي يتعلمون فيها الغناء ويجسدون، في ذات الوقت، أحلاماً يتمنى أن يعيشها أي مراهق أو فتاة عربية فيقوم هذا البرنامج بتقديم حياة بديلة عن حياة الكبت التي يعيشها الشباب العربي عادة. بعبارة أخرى، “جاء تلفزيون الواقع لسد هذه الفجوة، فراح يدفع بمجموعة من الشباب والشابات في خضم مواجهة هدفها اكتشاف الطاقات والحواس والوعي الكامن بضرورة الصيرورة الفردية لكل مشترك.. كما إنها حققت– في وجه من وجوهها– استقلالية الفرد وسلطت ضوءاً ساطعاً، بدا ممنهجا على هذا الجانب الحيوي. فرأى كل شاب عربي صورته وصوت أعماقه يتجسد على الشاشة”([15]) .
وبأخذ عينة بسيطة مفرداتها طالبات شعبة واحدة من الصف السادس الإعدادي (التوجيهي) في (ثانوية الرسالة) ببغداد ظهر لنا أن جميع الطالبات في تلك الشعبة والبالغ عددهم أربعين طالبة يتابعون هذا البرنامج عدا طالبتين اثنتين فقط قالتا إنهما تجدان اهتمامات الطلاب المشاركين في البرنامج سطحية جداً وإن هذا البرنامج يظهر سلوكيات وتصرفات بعيدة كل البعد عن أعرافنا وتقاليدنا. وهذه الملاحظة الأخيرة ، كما شاهدت، يتفق عليها الكثير من أبناء الأسر وينتقدونها بالرغم من شغفهم بمتابعة البرنامج. وقد يحاول البعض تعليل هذه الظاهرة، فيقول: “بما أن المواطن العربي– ككل– فقد الأمل في فسحة تغيير حقيقية في حياته، فمن الطبيعي أن نجده يقبل على على أية بضاعة مستوردة، خاصة إذا ما تأكد من فساد بضاعته المحلية أو نتهاء صلاحيتها. وقدمت له الاولى في شكل يلعب القائمون عليه على ساحة الفراغ التي يعيشها وحواسه المقيدة ورغباته المكبوتة. فالتلفزيون صار يقترح بقوة بدائله المشوقة– الآسرة– المفجرة للرغبات والأحاسيس، المشبعة والمعوّضة لشتى أنواع الرغبات المحاصرة بالثالوث المحرم. وتلفزيون الواقع، حسب الكاتب الفرنسي (فيليب موريه)- “ليس الواقع الذي يدخل التلفزيون ، بل هو التلفزيون الذي يمحو الواقع ويبتلعه”([16]).
وعلى أية حال وأيّاً كان تقويم هذا البرنامج، فإننا نريد هنا أن نستثمر جاذبية هذه البرامج في تقديم الثقافة عن طريقها لهذه الفئة العمرية من الشابات والشباب التي باتت مهمومة بالأغاني والكليبات والازياء وأخبار الفنانين والفنانات دون أن تكون هناك مساحة حقيقية للثقافة ضمن اهتماماتها وتطلعاتها، وأن نقترح تخصيص مساحة للشعر والقصة والرواية ضمن اهتمامات الطلاب المشاركين خصوصاً أن العلاقة بين الأغنية والأدب وثيقة. وإذا كان الخوف من أن تكون هناك إسقاطات سياسية في الاختيارات الأدبية المقترحة، فثمة الكثير من الدواوين والروايات والقصص العظيمة وذات الريادة في الأدب العربي قدمت المضامين الإنسانية التي ألهبت الوجدان وأغنت الوعي دون هتافات أو شعارات أو توجهات أيدولوجية. كما أن مراعاة التقاليد العربية في المأكل والملبس والمسلك لهو من أشد ما يحتاجه برامج مثل (ستار أكاديمي) على وجه الخصوص، وذلك لخطورة ما يقدمه من نماذج تستقطب الأذواق والرغبات في أعمار حرجة، ولهذا فإن معيارها يجب أن لا يكون غربياً أو عالمياً وإنما عربياً صميما صحيحاً لا نقول تقليدياً، وإنما بمراعاة الأعراف والتقاليد وعدم الاغترار بكثرة الإتصالات وتدفق الإعلانات، لأن المسؤولية الأخلاقية تقع في المقام الأول في أية رسالة إعلامية تكون التربية واحدة من عناصرها. هنا نعرض بعض الأرقام المتعلقة ببرنامج (ستار أكاديمي) والتي استللناها من بحث اعتدال مجبري (المراهقون العرب وتلفزيون الواقع) والمنشور في كتاب ( الفضائيات العربية ومتغيرات العصر ) الذي أشرنا من قبل قليل:
-خصصت 4 ملايين دولار أمريكي لإنتاج برنامج (ستار أكاديمي) الذي استمر لمدة 4 أشهر. وقد بلغت الإتصالات التي تلقاها برنامج (ستار أكاديمي) في حلقته الأخيرة الأعداد الآتية:
23 مليون و 175 ألف اتصال من مصر .
18 مليون و 536 ألف اتصال من لبنان .
16 مليون و 23 ألف اتصال من سورية .
11 مليون و 300 ألف اتصال السعودية .
8 ملايين و 78 ألف اتصال من الأردن .
4 ملايين اتصال من الكويت .
2 مليونان و220 ألف اتصال من الإمارات .
-ناهزت مشاركات المصوتين 100 مليون متصل عربي عن طريق الرسائل القصيرة (أس أم أس)([17]).
مئة مليون متصل عربي إذن للمشاركة في التصويت على الفائز من طلاب المغنى في حلقة واحدة هي الحلقة الأخيرة من برنامج (ستار أكاديمي)، فماذا يعني هذا؟ يعني ببساطة أن طاقات شبابنا يمكن استقطابها أو تبديدها حيثما يشاء الهدف. وإزاء هذا الواقع، نعتقد أن الخيال هو فعلاً ما نحن بأمس الحاجة إليه لترويج بضاعتنا التي ستكسد وتبور بين الشباب إذا ما استسلمنا لهذا الواقع المر، الذي فشل في إقناعهم بفسحة من الأمل ولم يقدم لهم سوى الإحباط تلو الإحباط تلو الإحباط . فأي إحباط أكبر من أن يرى مدينة عربية عريقة، كانت عاصمة للثقافة العربية بعطاءات أهلها الثقافية المتنوعة وبقرار منهم لا من اليونسكو، تحترق بمتاحفها وتماثيلها ومكتباتها ومقاهيها الأدبية، وهو يتفرج على تلك الحرائق ولا يستطيع أن يحرك ساكناً لمنع ذلك .
في ختام بحثنا هذا، ومع الإقرار بعناصر الشد والإغراء الموجودة في البرامج الفضائية وبتحول العالم من ثقافة المطالعة إلى ثقافة المشاهدة، وبقدرة وسائل الإعلام في لعب الدور الأكيد لملء وقت الفراغ الذي خلقته المؤسسات الأخرى كالمدرسة والجامعة والبيت، نقدم مقترحاً عملياً ومخططأً تلفزيونياً لبرنامج جديد هو مزيج بين نوعَيْ برامج (تلفزيون الواقع) و(المسابقات)، وفيه حاولنا، وكما تشير مقدمة الملحق الخاص بهذا المقترح، أن نخلق التفاعل المفقود بين الشاب العربي والكتاب ونحثه على الذهاب إلى المكتبات لشرائه وقراءته والتعليق عليه عن طريق المشاركة بهذا البرنامج. نضع هذا المخطط بين أيدي المؤتمرين عسى أن يجد طريقه إلى توصيات البرنامج، ومنها إلى من يتبنوه ينتجونه ويقدمونه للأجيال الصاعدة من المشاهدين .
ملحق
العهدة على الراوي: مشروع برنامج تلفزيوني
إعداد: ميسلون هادي
مقدمة
خلال السنوات الأخيرة برزت في الإعلام العربي ظاهرة البرامج التنافسية التي تُعنى بالمواهب الفنية، الغنائية تحديداً، وتنظم لها المسابقات التشويقية التي اتخذت لها أسماء مختلفة، مثل: Album ، و Super Star، و Star Academy. وقد شجعت هذه البرامج على زيادة اهتمام قطاع الشباب والمراهقين بالفن وأهله وأخباره، ناهيك عن تحفيز هؤلاء الشباب للتقدم والمنافسة للوصول إلى النجومية وكسر حاجز الخوف، حتى عند من لا يفوزون منهم.
إن الاهتمام بالجانب الإبداعي الفني في حياة الشباب قد فاق كل الحدود، فازدادت الجهات الإنتاجية والقنوات الفضائية التي تُعنى به، بينما كاد يضمحل الاهتمام بالجوانب الثقافية والفكرية في شخصيات أبنائنا وبناتنا وحياتهم. فقد أشارت إحصائيات معتمدة في هذا الصدد إلى أن نسبة جوانب التسلية في الفضائيات العربية قد بلغت 70% مقابل 5/2% فقط للجوانب الثقافية. هذا الواقع القاتم تحديداً هو الذي دفعنا إلى اقتراح برنامج ثقافي نسعى إلى أن يكون جماهيرياً من خلال اعتماده على مقومات الجذب والتشويق التي ارتبطت بهذا النوع من البرامج التنافسية، ولكن باستهداف المعلومات والأرصدة الثقافية، بأن يكون الجذب والتنافس لا عبر الغناء والرقص واستثارة المواهب الفنية في هذه المجالات، بل عن طريق طرح أسئلة على المتبارين حول روايات عربية وأجنبية تختارها لجنة متخصصة وتصوغها وفق مخطط أولي أرفقه هنا مع هذا المقترح. إن اختيار أو ترشيح الرواية لتكون موضوع برنامجنا المقترح إنما يأتي استكمالاً لصورة أو مجال غطت جوانب أخرى منه بعض الفضائيات حين أطلقت برنامج (أمير الشعراء) أو (شاعر المليون) فحققت نجاحات غير هينة، كما أن أهم ما يسعى برنامجنا/ مشروعنا إلى تحقيقه في هذا المجال هو الآتي:
أولاً: تشجيع الجيل الجديد، الذي نرى نسبة كبيرة من شبابه قد عافت الأدب والثقافة عموماً، الخروج من جديد للبحث عن الكتب والمجلات الثقافية، وتعلقاً بالبرنامج بالرواية للتعرف على أشهر الروايات العالمية العربية التي لم يعرفوها كما يجب، وعلى آخر الروايات الصادرة، وليس على السيديات (الأقراص) والأشرطة فقط. فالرواية كما تعلمون هي سيدة الأدب في هذا العصر، وهي فوق هذا أكثر فنونه تشويقاً، ومن الممكن أن تكون منافساً قوياً لأشكال الإبداع الأخرى في اهتمامات الشباب وميولهم.
ثانياً: توظيف خبراتنا وقراءاتنا الجيدة للمئات من الكتب لإفادة الآخرين، بعد أن وجدنا فيها تجارب رائعة ومفيدة، وفوق ذلك من الممكن أن تكون لذيذة وممتعة للشباب كما هي فعلاً لنا.
ثالثاً: تعلقاً بالنقطتين/ الهدفين السابقين، نسعى إلى دفع الشباب إلى جعل مكتبات القراءة وبيع الكتب ضمن عادات الشاب، وإلى شراء الكتب والقراءة بعد أخذت ظاهرة قلة القراءة، وهي الظاهرة شبه الدائمة في وطننا العربي من عقود، أن تصير مرضاً وعائقاً رئيساً صمن عوائق النمو والتقدم في وطننا.
برنامج (العهدة على الراوي): مخطط أولي للبرنامج
1-تمتد الدورة الواحدة للبرنامج ما بين ثلاثة وستة أشهر وبواقع ما بين 15 و25 حلقة.
2-تنصب كل حلقة على (4) أربع روايات مختارة يتم توجيه مجموعة أسئلة إلى أربعة متقدمين للمنافسة عنها، على أن يكونوا على علم بها مقدماً، ولكن مع عدم علم كل منهم بالرواية التي سيُسأل عنها تحديداً.
3-يُخصص سؤال في كل حلقة يوجه إلى المشاهدين وتخصص له جائزة قيمة تشجيعاً لمشاركة جماهية وللمتابعة والخروج إلى المكتبات والسعي للاطلاع وصولاً لعادة كادت تنقرض، هي عادة مراجعة المكتبات وشراء الكتب وقراءتها.
4-تخصص حلقة أخيرة في كل دورة للتباري ما بين الفائزين في حلقات الدورة، من خلال سؤالهم في عشرين من أهم الروايات وأحدثها. ويوجه سؤال إلى المشاهدين عن أجمل الروايات العربية برأيهم، وربما عن أكثرها ملاءمة لإعدادها درامياً. وقد يتم اختيار عدد محدد، من ثلاثة أو خمسة أو عشرة مثلاً، من المشاركين في حلقات الدورة الأولى ليُسمّوا أفضل القراء.
5-يتم الإعلان مسبقاً عن مئة رواية تُستخلص من حوال خمسة آلاف رواية عربية وعالمية، على أنها ستشكل موضوعات حلقات الدورة الأولى للبرنامج توُزع بواقع أربع روايات على كل حلقة.
6-تخصص جائزة نقدية للفائز، مع جائزة قيمة لكل مشارك من المشاركين الثلاثة الآخرين تقييماً وتشجيعاً، مع درع البرنامج يهلل للقراءة والثقافة عموماً. كما تخص مجموعة من الروايات المختارة والمختلفة في حلقة لكل واحد من الجمهور الحاضر.
7-تُشّكل لجنة استشارية من الروائيين والأكاديميين والباحثين والنقاد والناشرين لتكون مرجعية علمية وثقافية للبرنامج، وتنظم طريقة مقابلة المتقدمين واختيار المشاركين منهم.
8-تشكل لجنة تفيذية من خمسة بواقع روائي وناقد وباحث أكاديمي متخصص وناشر إضافة إلى رئيس اللجنة الثابت الذي من الممكن أن يكون من المشتركين في إعداد البرنامج.
9-من الممكن استضافة بعض أشهر الروائيين العرب، بواقع روائي واحد في كل حلقة ليكون ضيفها، ليُعرف به وبتجربته وبآخر نتاجاته الروائية، ويُجرى لقاء قصير معهم وليقوم بتقديم الجوائز لبعض الفائزين وتوقيع بعض أعماله.. وما أشبه ذلك.
10-إعداد حلقة خاصة أو نحوها لتغطية مراحل إعداد البرنامج ومقابلة المتقدمين وزيارة المكتبات وإجراء المقابلات مع بعض الروائيين والنقاد والجامعات والطلبة..إلخ.
مئة رواية عربية وأجنبية أولى مختارة
1-كبرياء وهوى جين أوستن إنكترا 1813
2-روبنسون كروسو دانيال ديفو إنكلترا 1719
3-الجريمة والعقاب فيدور دستويفسكي روسيا 1866
4-الغريب ألبير كامو فرنسا 1942
5-الصخب والعنف وليم فوكنر أمريكا 1929
6-مدام بوفاري غوستاف فلوبير فرنسا 1857
7-الأم ماكسيم غوركي روسيا 1907
8-وتشرق الشمس ثانيةً إرنست همنغوي أمريكا 1926
9-المحاكمة، أو القضية فرانز كافكا تشيكيا 1925
10-أبناء وعشاق دي إيتش لورنس إنكلترا 1913
11-الأمل إندريه مالرو فرنسا 1937
12-جورج أورويل 1984 إنكلترا 1949
13-دروب الحرية جون بول سارتر فرنسا 1951
14-الرباعية الإسكندرانية لورنس داريل إنكلترا 1960
15-غارسيا ماركيز مئة عام من العزلة كولومبيا 1968
16-إله الذباب وليم غولدنغ إنكلترا 1954
17-دكتور زيفاكو بوريس باسترناك روسيا 1957
18-زوربا كازنتزاكي اليونان
19-خفة الكائنات كونديرا هنغاريا
20-ليلة لشبونة ريمارك ألمانيا
21-زقاق المدق نجيب محفوظ مصر 1947
22-وا إسلاماه علي أحمد باكثير مصر 1945
23-الرغيف توفيق يوسف عواد لبنان 1939
24-يوميات نائب في الأرياف توفيق الحكيم مصر 1937
25-زينب محمد حسين هيكل مصر 1914
26-الأرض عبد الرحمن الشرقاوي مصر 1954
27-أولاد حارتنا نجيب محفوظ مصر 1959
28-بين القصرين نجيب محفوظ مصر 1956
29-السكرية نجيب محفوظ مصر 1957
30-شيء في صدري إحسان عبد القدوس مصر 1958
31-في بيتنا رجل إحسان عبد القدوس مصر 1957
32-قصر الشوق نجيب محفوظ مصر 1957
33-المستحيل مصطفى محمود مصر 1960
34-الأيام طه حسين مصر
35-السد محمود المسعدي تونس 1955
36-عرس الزين الطيب صالح السودان 1962
37-جيل القدر مطاع صفدي سورية 1960
38-الباب المفتوح لطيفة الزيات مصر 1960
39-بداية ونهاية نجيب محفوظ مصر 1951
40-الحرام يوسف إدريس مصر 1959
41-الحي اللاتيني سهيل إدريس لبنان 1953
42-دعاء الكروان طه حسين مصر 1941
43-طواحين بيروت غادة السمان لبنان 1968
44-ليلة واحدة كوليت الخوري سورية 1961
45-الغربة عبدالله العروي المغرب 1971
46-طيور أيلول إميلي نصر الله 1962
47-الصبار سحر خليفة فلسطين 1976
48-الزيني بركات جمال الغيطاني مصر 1974
49-الزلزال الطاهر وطار 1976
50-أرصفة وجدران محمد زفزاف المغرب 1974
51-امرأتان في امرأة نوال السعداوي مصر 1975
52-الطوق والأسورة يحيى الطاهر عبدالله مصر 1975
53-اللجنة صنع الله إبراهيم مصر 1981
54-قنديل أم هاشم يحيى حقي مصر 1944
55-أحياء البحر الميت مؤنس الرزاز الأردن 1982
56-أنت منذ اليوم تيسير سبول الأردن 1968
57-الخماسين غالب هلسا الأردن 1975
58-تحولات الفارس الغريب في البلاد العاربة فوزية رشيد البحرين 1993
59-مراتيح عروسية النالوتي تونس 1985
60-ذاكرة الجسد أحلام مستغانمي الجزائر 1993
61-ريح الجنوب عبد الحميد بن هدوقة الجزائر 1970
62-شقيقة شهرزاد آسيا جبار الجزائر 1989
63-اللاز الطاهر وطار الجزائر 1974
64-الأشجار واغتيال مرزوق عبد الرحمن منيف السعودية 1973
65-موسم الهجرة إلى الشمال الطيب صالح السودان 1970
66-ثائر محترف مطاع صفدي سورية 1961
67-شتاء البحر الميت وليد إخلاصي سورية 1965
68-التبر إبراهيم الكوني ليبيا 1990
69-حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان 1980
70-حجر الضحك هدى بركات لبنان 1990
71-أنا أحيا ليلى بعلبكي لبنان 1958
72-كانت السماء زرقاء إسماعيل فهد إسماعيل الكويت 1970
73-وتشرق غرباً ليلى الأطرش فلسطين 1987
74-في المنفى جورج سالم سورية 1962
75-كوابيس بيروت غادة السمان سورية 1976
76-المهزومون هاني الراهب سورية 1961
77-الياطر حنا مينا سورية 1975
78-الأنهار عبد الرحمن الربيعي العراق 1974
79-الشاهدة والزنجي مهدي عيسى الصقر العراق 1987
80-الظامئون عبد الرزاق المطلبي العراق 1967
81-مكابدات عبدالله العاشق عبد الخالق الركابي العراق 1982
82-النخلة والجيران غائب طعمة فرمان العراق 1966
83-الوجه الآخر فؤاد التكرلي العراق 1960
84-المعلم عبد الرزاق سعود المظفر سلطنة عمان 1989
85-نجران تحت الصفر يحيى يخلف فلسطين 1975
86-عائد إلى حيفا غسان كنفاني فلسطين 1970
87-الميراث سحر خليفة فلسطين 1997
88-السفينة جبرا إبراهيم جبرا فلسطين/العراق 1970
89-رجال في الشمس غسان كنفاني فلسطين 1963
90-ترابها زعفران إدوار الخراط مصر 1986
91-الوقائع الغربية في اختفاء سعيد بن أبي النحس المتشائل أميل حبيبي فلسطين 74
92-شرق المتوسط عبد الرحمن منيف السعودية
93-عالم النساء الوحيدات لطفية الدليمي العراق
94-بنات الرياض رجاء الصالح السعودية
95-شقة الحرية غازي القصيبي السعودية
96-زينة الملكة علي أبو الريش الإمارات
97-الخبز الحافي محمد شكري تونس
98-ليلة القدر الطاهر بن جلون تونس
99-ليون الأفريقي أمين المعلوف لبنان
100-المحبوبات عالية ممدوح العراق
هذه القائمة قابلة للتعديل حسب توجيهات لجنة الإعداد المقترحة، وما قد تقترحه الصحافة في حالة نجاح الدورة الأولى فيكون اختيارها في الدورة الثانية.
([1] إدوارد سعيد: الاستشراق، ص257.
[2] ( George Orwell, “Marrakech,” in A Collection of Essays, New York, Doubleday Anchor Books, Books, p187.
عن إدوارد سعيد، المصدر السابق، ص257.
) بلغيث سلطان: دور الفضائيات العربية في تحقيق عالمية الثقافة العربية، مجلة (شؤون عربية)، ع131، خريف 2007. [3]
[4]) حسب الدكتور محمد شوقي الزين في متابعته لنص ماريو برنيولا المنشور بمجلة ترافيدس الفرنسية (أيقونات ، رؤى ، إيهامات) فإن برنيولا يعتبر أن تراث البشرية وثقافتها معرضين اليوم لعملية تصنعية قوامها النمذجة الأستيتيكية والإغراء والإغواء تستقطب الأذواق والحساسيات وتوزع الأيقونات المفبركة وفق ستاندر أو معيار عالمي وموضة كونية تحول الثقافة العالمة وذاكرة البشرية الانسكلوبيدية إلى ثقافة الفاست فود والكوكتيل المعرفي المجزأ أو السطحي . مجلة كتابات معاصرة العدد (آب – أيلول – 2007).
[5]) من هذه البرامج (أوبرا، والدكتور فليل، وذي فيو، وتارا). وفي أحد هذه البرامج، وهو ( إنسايدر )- المطّلع- ظهرت أخت المغنية الشهيرة وتني هيوستن وهي تبيع للاعلام صوراً مسيئة لأختها التي كانت من أشهر النجمات الفاتنات، تظهرها في حالة مزرية من البؤس خلال تعاطيها المخدرات في مكان وسخ محاطة بالحقن والعقاقير التي تدل على الإدمان . وقالت أختها إنها تبيع هذه الصور من أجل شيئين: أولاً المال وثانياً الانتقام لأن وتني قد خطفت صديقها منها.
[6] ) د. أحمد يوسف سعد: أزمة المضمون في التربية العربية، مجلة (شؤون عربية)، ع131، خريف 2007.
) معتصم السنوي: التحديات الجديدة أمام الدول العربية في عصر الاتصالات الحديثة، مجلة (شؤون عربية)، ع131، خريف 2007. [7]
[8]) بلغيث سلطان: دور الفضائيات العربية في تحقيق عالمية الثقافة العربية، صمن كتاب “حصار الثقافة بين القنوات الفضائية والدعوة الأصولية، مصدر سابق.
[9]) في هذا الصدد، نجد من المفيد أن نذكر ما جاء في كتاب “لورنس في بلاد العرب” لمؤلفه لويل توماس، إذ يقول: “إن الأقطار العربية بلاد الاضطراب وعدم النظام. نحن نستعمل السكاكين والشوك والملاعق وهم يكتفون بأصابعهم، ونحن نستعمل الموائد والكراسي وهم يجلسون على الأرض، نحن نمتطي الخيول من الشمال وهم يمتطونها من اليمين، نحن نقرأ من الشمال إلى اليمين وهم يقرأون من اليمين إلى الشمال. يغطي ساكن الصحراء رأسه (صيفاً وشتاء) على السواء بينما يترك أقدامه عارية طوال السنة. نحن نرفع قبعاتنا عندما ندخل دار صديق وهم يخلعون أحذيتهم، بل من النادر أن تجد الشوارع في الأقطار العربية متوازية”. ويل توماس: لورنس في بلاد العرب، مطبعة الكلية الوطنية في سوريا.
أما الرحالة الشهيرة مس بيل فشير في مذكراتها إلى أنها وجدت العراقيين يصفون الأحذية داخل فاترينات بينما يتركون اللحوم مكشوفة للذباب والأتربة في الأسواق .
[10] ) أخبرني والدي يوماً أن الراديو عند أول دخوله إلى العراق كان غير مرحب به من الناس، فقد تحفظت عليه الكثير من العوائل، الأمر الذي دفع مونولوجستاً عراقياً هو عزيز علي إلى تأليف منولوج شهير لا يزال يُبثّ من الإذاعات العراقية إلى يومنا هذا، يشجع فيه الناس على الإستماع للراديو ويحببهم فيه. كما أن الفونوغراف كان قد منعه الشريف حسين من دخول مكة مطلع القرن الماضي حسب ما يشير كتاب “لورانس في بلاد العرب”.
[11] ) عرضت قناة أو تي في مساء 21 تشرين الأول 2007 تقريرا عن القنوات الفضائية في إيران، وتحدث بعض الشباب الإيراني فيه من مدينة (قم) أنهم يشاهدون سراً القنوات الممنوعة من السلطة مما يجعلنا نعتقد ان الدعوة للمنع أمراً عديم الجدوى، هذا إنْ لم يأتِ بنتائج معكوسة.
[12] ) الفضائيات العربية ومتغيرات العصر، الدار المصرية اللبنانية للنشر، القاهرة، 2005. يضم أعمال المؤتمر العلمي للأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام بمدينة الإنتاج الإعلامي في السادس من أكتوبر والذي عقد في يوليو عام 2004، وجاء مواكباً لفعاليات مهرجان القاهرة السنوي للإذاعة والتلفزيون.
[13] ) للفائدة، يُنظر، ضمن الكتاب، نهى عاطف (إعداد): بيلوغرافيا للدراسات التحليلية حول القنوات الفضائية خلال الفترة ( 1994- 2004).
[15] ) إعتدال مجبري: الفضائيات العربية والمحتوى.. المراهقون العرب وتلفزيون الواقع: أية علاقة؟ وهل من بديل؟، من كتاب (الفضائيات العربية ومتغيرات العصر)، الدار المصرية اللبنانية للكتاب، القاهرة، 2005.
[16] ) المصدر السابق.
[17] ) جريدة الحياة، 14- 3-2004 ، ومجلة الملاحظ، 21-4-2004.