التأثير والتأثر وحساسية الأديب

التأثيـر والتأثـّر
وحساسية الأديب

(1)
لم نكن لنعود، في تناول الموضوعات المقارنية النظرية أو التطبيقية، إلى أوليات القول بالتأثير والتأثر الذي نؤمن بأن أية دراسة مقارنة، ولا سيما وفق منظور المدرسة الفرنسية للأدب المقارن، يجب أن تقوم عليه، فالواقع أن الوعي بذلك قد قاد النقد إلى أن ينطوي منذ القرن التاسع عشر تقريباً على المقارنة التي بدورها قد تنطوي على عنصر التأثر والتأثير بين الآداب والأدباء والمؤلفات والنصوص، ليكون بعد ذلك منهجاً لم يعد النقد عموماً بقادر على استبعاده، كما أنه صار للناقد، إن لم يكن منهجاً مستقلاً أحياناً، أداة كشف وتأصيل للنصوص والآداب، ووتراً لا يمكن تناسيه أو تجاوزه إذا ما أردنا لعزفنا أن يكون جميلاً ومفيداً ومتكاملاً. يقول هاري ليفن: “يمكن تشبيه دارس الأدب الذي لا يقوم بالمقارنة بعازف كمان يأنف عن استعمال القوس، وهو لذلك يقصر أداءه على سلسلة من النقرات على الأوتار”(1). ولكن يبقى أمر استخدام هذا القوس– على حد تشبيه ليفن– أو الوتر– على حد تعبيرنا السابق، باعتباره الوتر الأساس، نعني منهجاً مستقلاً أو رئيساً صعب التمكن منه، إذا ما أردنا العلمية أو الموضوعية وطرح الحقائق أو الوصول إليها وعدم الادعاء، القول بما هو غير موجود أو غير محسوس، فكما يقول الناقد الأدبي الكبير فيليب يونغ: “إن مسألة الأصول الأدبية مسألة صعبة دائماً، فحتى إذا ما كان للأديب أن يقول إن كتبه قد صارت إلى ما صارت عليه لأنه قرأ وأُعجب بكتب أخرى بالذات، فإننا لا تستطيع أن نكون متأكدين، بل نكون منشككين في حقيقة هذه التصريحات وفي الحسم بها”(2). ونعود إلى البداية لنقول بأننا ما كنا لنعود إلى أوليات القول بالتأثير والتأثر لولا واقع الجهل الكبير بهما وبطبيعتهما لدى الكثير من الكتاب المبدعين والنقاد ومتابعي النشاط الثقافي، الأدبي والنقدي بشكل خاص، المنشور أو الممارَس، خصوصاً في الدوريات والندوات والمهرجانات الثقافية والأكاديمية، ولولا الخلط الذي يقع فيه هؤلاء وغيرهم مما سنأتي إلى أمثلة منه، ولنا أن نتوقع وفقاً لهذا حال القراء العاديين.
إن لمن السهولة للمتتبع أن يرصد في خضم هذا النشاط الثقافي، على كل مستوياته وأشكاله ما نسميه خلطاً وسوء فهمٍ لظاهرة التأثير والتأثر في الإبداع وللقول بهما في النقد، وهو الخلط أو سوء الفهم الذي يمكن تصنيفه كظاهرة في وجهين: هو في الوجه الأول انعكاس لما نسميها حساسية المبدع إزاء القول بتأثره بغيره، بل الرد على القول أو التشخيص بانفعال وعصبية أحياناً، وربما بإثارة الصخب. أما الوجه الثاني فهو التطبيق المقارن الذي يعكس الفهم الخاطئ، ولا نبالغ إذا ما قلنا الساذج أحياناً، لما يعنيه التأثير والتأثر، والجهل الذي يبدو أحياناً كبيراً بالأدب المقارن بشكل عام، وهو ما قاد نقاداً وأدباء، أو بعض من يعدون أنفسهم أو يعدهم آخرون أدباء أو نقاداً، إلى أن يفهموا القول بتأثر الأديب بآخر على أنه سرقة، وقاد آخرين إلى أن يروا التأثر الواقع فعلاً في نصوص أو مؤلفات كاتب ما على أنه سرقة، وعليه فإن تلك النصوص والمؤلفات تفقد، في رأيهم الخاطئ، أصالتها أو جودتها. وقاد هذا الفهم فريقاً ثالثاً إلى الربط بين أي تشابهين في عملين أو في أعمال لأديبين على أنه اقتباس أو ربما سرقة أو، إذا ما حاول هذا الفريق الثالث من الأدباء والنقاد التظاهر بالموضوعية، قد يشخصونه على أنه تأثّر حين لا يكون في حقيقته شيئاً من هذا. وانطلاقاً من هذا كله كانت فكرة دراستنا. ولكن لكي نشبع ما نتناوله بشكل واف فإننا سنتناول واحداً من جانبيه الرئيسين، نعني ( حساسية الأديب أو المبدع ) تجاه القول بتأثره، ولكن دون تجنب الوجه الآخر، نعني الفهم الخاطئ (للتأثير والتأثر)، لارتباط هذا بذاك (3)، متخذين للتمثيل بنماذح تسند ما سنقوله، الروائي العربي نموذجاً تطبيقياً أو عملياً.

(2)
انطلاقاً من وجود ما يذكّر بلوركا في قصص ومسرحيات القاص العراقي جليل القيسي، سئل الكاتب مرة عما إذا كان لهذا الشاعر والمسرحي الإسباني تأثير فيه وفي أدبه ، فأجاب بالقول ” رغم عشقي وحبي لمسرحياته، غير أنه لم يؤثر فيّ البتة”(4). اعتدت على أن استشهد بهذا المثال الطريف لتلامذتي في موضوع التأثير والتأثر وكيف أن الكثير من الأدباء يتلقون القول بتأثرهم بأدباء آخرين بحساسية تدفعهم إلى الإسراع بنفي أي احتمال لهذا التأثير أو التأثر، وبعصبية وشدة أحياناً، وكأن مثل هذا التأثير والتأثر يعيبهم ويعيب نتاجاتهم ويمس مواهبهم وأصالة عطاءاتهم. فهنا ليس من المعقول ولا المقنع أن يعجب أديب كجليل القيسي بأديب آخر مثل لوركا ويعشقه بهذا الشكل– على حد تعبير القاص نفسه– من دون أن يتأثر به بدرجة أو بأخرى. فهذا من منطق الأشياء، لا في الكتابة والعلاقات الأدبية فحسب، بل في الفن والسياسة والاجتماع، والعلاقات ضمن هذه الميادين أيضاً. فطبيعي جداً أن يتأثر الابن بأبيه، والصديق بصديقه، والمحب بمحبوبه، والقارئ أديباً أو غير أديب بالأديب الذي يقرأ له ويحبه أو يميل إليه. ومع هذا فحساسية تلقي القول بمثل هذا التأثير التأثر يطبع الكثيرين. ولأن مثل هذه الحساسية تنطبق بشكل خاص من الاعتقاد الخاطئ بأن مثل هذا إنما ينتقص من الموهبة والشخصية والخصوصية، ومن مقدرة الفرد المعني على الإنجاز الإبداعي والتميز، فإن هذه الحساسية تطبع الأدباء المتمرسين والشباب والناشئة أيضاً. هنا أتذكر أن طالبة عرضت عليّ يوماً نماذج من القصص التي كانت تكتبها بشكل محاولات أولى، إذ كانت لما تزل بعد في طور التعلم. ولأنني وجدت في نماذجها ما ينم عن موهبة واضحة لم تصقل بعد بالطبع بالممارسة والثقافة والاطلاع الكافي والتوجيه، ولأنني أردت تبعاً لذلك التعرف على قراءاتها لأستطيع في ضوء ذلك توجيهها إلى ما يجب أن تركز عليه ممتا تقرأه وما يجب أن تطلع عليه مما لم تقرأه، سألتها عن قراءاتها، فردت بسرعة فاجأتني بأنها لم تتأثر بأحد أبداً، وكأن سؤالي كان اتهاماً لها بتقليد آخرين، مع أن التقليد ذاته لمن في سنها وتجربيها لم يكن عيباً إن لم يكن ضرورياُ بعض الشيء. ومن الواضح أن ما جعلها ترد بهذا الشكل إنما هو الحساسية التي دفعتها إلى الظن فور توجيه السؤال، بأني أتهمها وأشك بمقدرتها وموهبتها و(أصالة) كتابتها التي هي أصالة غير مطلوبة بإلحاح بالطبع لمن هم مثلها من الناشئة أو المبتدئين.
وإذا كانت هذه الحساسية تسم الأديب الشاب أو الناشئ، انطلاقاً من الاعتقاد بأن التأثر إنما يمس مقدرته، كما قلنا، فمن الغريب أن نجدها تطبع ردود أفعال أدباء كبار. هنا أعود إلى تجربتي العملية مرة أخرى، فقد تهيأ لي، في حوار طويل أجريته في موسكو مع الكاتب الكبير غائب طعمة فرمان، أن أفاجئه، وكما يمكن أن أفاجئ هنا كل المطلعين على أدب هذا الروائي، بسؤال “عن تلك التشابهات غير القليلة التي أجدها بين شخصيات روايته “ظلال على النافذة”، وشخصيات رواية فوكنر “الصخب على العنف”، وبين الحدث المركزي في كل من العملين(5)، فأجاب فرمان بالقول: “يجب أن أقول بأني أفاجأ بهذا السؤال. أنا قرأت فوكنر ولم تعجبني “الصخب والعنف”، بينما أعجبتني روايات أخرى له غير هذه. أما أن تكون “ظلال على النافذة” متأثرة بـ “الصخب والعنف”، فهذا شيء غريب جداً، وقد يكون متأتياً من تقطيع الرواية بالشكل الموجود في “الصخب والعنف، أو ربما من أشياء أخرى”(6). وعندها عرضت عليه تفاصيل ما كنت قد هيأتُه لهذا الحوار مما رأيته تلاقياً بين العملين “بدا في خطوطهما العامة وفي الشخصيات، فالأم والأب في “الصخب والعنف” يقابلهما الأم والأب في “ظلال على النافذة “، مع فارق أنك تعطي الأب اهتماماُ أكثر من الذي يعطيه فوكنر؛ (كادي) في “الصخب والعنف” وهروبها وسقوطها تقريباً وكونها مركز الرواية، تقابلها (حسيبة) وهروبها وسقوطها تقريباً؛ (بنجي) المعتوه الذي يفقتقد (كادي) ويتذكرها ويشم رائحتها في كل شيء، يقابله (قاضل) وبساطته العميقة وافتقاده لـ (حسيبة)– زوجته هنا طبعاً– وكل شيء [كما نعرف] يذكّره بها، وهو نفسه قال إنه يشمها ويتذكرها في كل مكان؛ (كوينتن)، كونه الأخ الدارس في الجامعة والعلاقة غير الطبيعية بأخته (كادي)، يقابله (ماجد) الأخ الدارس في الخارج وذو الأفكار التي قد تبدو غير سوية تماماً تجاه زوجة أخيه– هناك أخته وهنا زوجة أخيه؛ (جيسون ) في “الصخب والعنف”، الأخ الوصولي الذي لا تهمه غير نفسه وتحقيق ما يريد، ثم شعوره، إضافة إلى ذلك، بأنه ضحية عائلته، وما ينتج عن ذلك من حقد على ابنة أخته، يقابله، في “ظلال على النافذة”، (شامل) الأخ الوصولي الذي لا يهمه إلا كيف يصعد، وشعوره هو الآخر بأنه ضحية عائلته، وحقده على زوجة أخيه. بقيت الزنجية (ديلزي) في “الصخب والعنف”، ذات العاطفة الصادقة تجاه الجميع، والحزينة المتحسرة لانهيار العائلة، تقابلها في روايتك (فضيلة) المحبة للجميع والإنسانة الطيبة التي لا يهمها إلا أن تُرضي أبويها وإخوتها، والحزينة المعذبة للمصير الذي تؤول إليه العائلة”(7).
عندما استمع الكاتب الكبير إلى هذه التفاصيل، التي لم تكن ليكتشفها إلا المتأمل بتأن كاف، قال باندهاش:
“يجب أن أقول إني مندهش لاكتشافك هذه الأشياء! فهي غريبة جداً، ولكنها تبدو صحيحة وليس عندي اعتراص عليها. وأنا أتساءل كيف استطعت أن تجد هذا التشابه؟ لقد قرأت “الصحف والعنف” فعلاً، ولكن من مدة طويلة، ولم يكن في ذهني أبداً شيء عنها، وأنا كنت أحاول في “ظلال على النافذة” تصوير عائلة عراقية بحتة انتقلت من حيها القديم، ولكنها أخذت معها إلى الحي الجديد كل تقاليدها. أما هذا التشابه فإنه لم يخطر في ذهني على الأطلاق”(8).
لكن الحكاية لم تنتهِ عند هذا الحد، بل بقي شاهد حديثنا وملاحظاتنا حول حساسية الأديب تجاه القول بتأثره بغيره. إذ لم تمض أيام قلائل على عودتي إلى مقر دراستي في المملكة المتحدة، حتى تلقيت رسالة من الكاتب تجسد هذه الحساسية، موضوع دراستنا، والرفض اللذين أشرنا إليهما، مع أن الكاتب كبير فنياً ومكانةً ثابتةً مسلَّماً بها تماماً في تأريخ الرواية العراقية، بل العربية عموماً، الأمر الذي نفترض أنه يمنحه حصانة تامة من أي اتهام بالتقليد والتبعية أو الاقتباس، ومن التشكيك في فنه، وبالرغم من افتراضنا أن الكاتب قد كتب رسالته غير المؤرخة بدقة، بعد إجراء حواري معه بأيام نفترض أنها اكانت كافية لأن تجنبه الكتابة تحت ضغط رد الفعل الانفعالي وغير الموضوعي، قال فيها:
“مسألة التأثر والتشابه في الأعمال الأدبية مسألة معقدة وقديمة، ترجع إلى عهود سحيقة. ويستطيع القارئ أن يجد أوجه تشابه كبيرة في أعمال كثيرة، حتى لعظام الكتاب [لاحظ كلام فرمان هنا كيف يبدو فيه وكأنه في موضع اتهام، وما هو كذلك إطلاقاُ بالطبع]، والمسألة كلها تتلخص في أن الروايات في الغالب لا بد أن تصف عائلة لديها من الأولاد بقدر ما لدى عائلة (كومبسون) في رواية “الصخب والعنف”، أو عائلة (عبد الواحد الحاج حسين) في رواية “ظلال على النافذة”. وهناك ملامح متشابهة: حب، وكره، وأنانية، وما إلى ذلك . ولكن الشريحة الاجتماعية، القيمة الحياتية ، الجو المتفرد، هل هو متشابه دائماً في مثل هذه الأعمال؟… ثم تأتي مسألة القيم الاجتماعية، هل معقول أن (عبدالواحد الحاج حسين) يحمل نفس قيم كببير العائلة في رواية “الصخب والعنف” ؟ أعتقد أن ذلك تجن. وأورد لك مثالاً أخر من واقعنا: كم رواية كتبت على غرار رواية ثلاثية فوكنر، وعلى الأخص جزؤها المسمى “القرية” أو “البلدة” ؟… أعتقد أن هناك تجاوزاً، وتجاوزاً خطيراً في المحاكمة لتلمس وجه شبه بين أعمال وأعمال..(9)، أنت إذا حكمت على عمل أدبي بالتشابه مع آخر نزعت عنه كل قيمة وأصالة وجعلته تابعاً للعمل المقلَّد.. وهذا ما أرفضه”(10).
وإذا ما كنا قد أطلنا الوقوف عند غائب طعمة فرمان ،فإنما عمدنا إلى ذلك لسببين، الأول هو أن ذلك من تجربتنا الشخصية التي مكنتنا من رصد وقع القول بتأثره بغيره عليه، وهو أمر يهمنا في هذه الدراسة التي نتعامل فيها، لا مع النص، بل مع صاحب النص الأديب المبدع ، ورد فعله، كما هو واضح. أما السبب الثاني فهو مكانة هذا الكاتب وفنه ضمن مسيرةالرواية العربية الأمر الذي يخرج أمر الحساسية من أن تكون مرتبطة بالشباب والناشئة كما قد يظن أو يتوقع البعض، أو بضعفاء الثقة بالنفس كما قد يظن أو يفترص آخرون كعلماء النفس مثلاً. وإذا ما كانت هذه الظاهرة قد ارتبطت حتى الآن بأدب وأدباء قطر بعينه، فإننا يجب أن نقول، لنفي أن يكون الأمر محصوراً في حقيقته هكذا فعلاً بل لأنه متعلق مرة أخرى بتجربتنا الشخصية، إنها في الواقع تخرج عن هذه الحدود لتكون عربية، بما تعكسه ردود أفعال بعض الأدباء العرب بشكل عام. ولعل مما يكفي للتمثيل هنا التعرض لما نراه من الحساسية نفسها التي أظهرها كاتب كبير، ربما لا يقل تجربةً ومكانةً امتلاكاً لكل ما يجعله في حرز من أن يُتهم بسرقة أو اقتباس أو تقليد. فقد رد الكاتب صنع الله إبراهيم مرة على ربط الناقد الدكتور بطرس حلاق لرواية الكاتب “نجمة أغسطس” برواية ميشيل بوتور “التحولات”، قائلاً:
“الواقع أنني لم أقرأ الرواية المذكورة لأني لا أقرأ الفرنسية، أما قراءاتي بالإنكليزية لأعمال أصحاب الرواية الجديدة في فرنسا فلم تتعدّ بعض أعمال آلان روب غرييه وناتالي ساروت وكلود سيمون. الأطرف من هذا أني لم أقرأ من أعمال هؤلاء غير بضع صفحات أشعرتني بالملل الشديد مما صرفني حتى اليوم عن مواصلة القراءة”(11)، لأصحاب موجة الرواية الجديدة.
وإذا لم يكن رد صنع الله إبراهيم قد اتسم بالانفعال والحدة، كما هو شأن بعض رد فرمان في المثال السابق، فإنه قد اشتمل على ما تتسم به ردود الكثير من الكتاب الحساسين من القول بتأثرهم بآخرين، من نفي قاطع للتأثر بالأدباء ،أو بالتحديد بالأعمال التي يشار إلى تأثيرها فيهم.
أما القاص الروائي عبد الخالق الركابي فكان الأشهر في هذا المجال لسببين: الأول حساسيته المفرطة جداً تجاه أي قول أو إشارة أو تلميح، حتى وإن لم يكن مؤكداً، إلى تأثره بغيره ولا سيما ماركيز وكتاب أمريكا اللاتينية، والسبب الثاني هو تخبط تعامل بعض الكتابوالنقاد في التعامل مع هذا الجانب انطلاقاً من أخطائهم وعدم فهمهم للأدب المقارن ولقضية التأثير والتأثر الذي سنأتي إليه في فقرة أخرى من هذه الورقة(12). فالركابي ونتيجة لهذين السببين يقول في واحد من ردود فعله تجاه سؤال عن هذا الجانب(13):
“لا بد لي هنا من اغتنام هذه الفرصة لأنبّه إلى ضرورة الحذر والتروي قبل الإسراع في كيل التهم إلى هذا الكاتب أو ذاك بحجة وقوعه تحت تأثير كاتب أجنبي”(14).
الطريف في ردود هؤلاء الأدباء، وردود أقعالهم أنها كثيراً ما تشدد على عدم حبهم للأعمال التي يُشار إلى تأثيرها فيهم، بل مقتهم لها، وقد يشيرون أحياناً، ضمن ما يبدو لنا من قبيل إضفاء الموضوعية على تلك الردود، إلى أعمال أخرى، غير المشار إلى تأثيرها فيهم، لنفس الأدباء أو لكتّاب آخرين ، كما فعل فرمان في رده الذي سبق عرضه، حين قال: ” أنا قرأت فوكنر ولم تعجبني “الصخب والعنف” بينما أعجبتني روايات أخرى له غير هذه”، وصنع الله إبراهيم في قوله السابق الذكر أيضاً” “إنني لم أقرأ من أعمال هؤلاء غير بضع صفحات أشعرتني بالملل الشديد مما صرفني حتى اليوم عن مواصلة القراءة”، وكما يفعل كاتب كبير آخر هو فؤاد التكرلي إذ يقول متحسساً إشارات البعض إلى تأثره بفوكنر: “أما علاقتي برواية “الصخب والعنف” فلا أظنها علاقة وطيدة أو مؤثرة كما يجب… ورغم إعجابي ببعض أقاصيص فوكنر، إلا أني أراه غامضاً أكثر مما يجب في تناوله لمواضيعه الروائية”(15)، وفي مكان آخر يقول: “أنا معجب بهمنعوي وشتاينبك. أما فوكنر فإن المبالغة في البحث عن تكنيك جديد ومحاولاته اللغوية المستميتة لخلق عوالم كثيفة خلال صفحات أزعجتني أغلب الأحيان”(16).
في إزاء ذلك يجب أن نثبت هنا أن بعض الكتاب قد تجاوزوا هذه الحساسية، وخرجوا بدرجة أو بأخرى عن مثل هذه الردود الانفعالية والغاضبة والنطلقة من فهم خاطئ لقضية التأثير والتأثر، أما انطلاقاً من فهم صحيح لهذه القضية، أو من ثقة بعدم مس ذلك لهم ولإبداعهم، أو ربما من عدم مبالاة بكل ما قد يقال عنهم وعنها. ففي حوار لنا مع الأديب الكبير جبرا إبراهيم جبرا، سألناه: ” قد لا يكون من الصعب في حديثنا عن فوكنر أن نحس بنَفَس هذا الكاتب في رواياتك، بشيء من الوضوح أحياناً وبشكل مضلل أحياناً أخرى… وسواء اتفقتم معنا أم لم تتفقوا حول ذلك أسأل: أليس لشخصية (كوينتن) أثرها في الكثير من شخصيات رواياتك مذكّريك بشخصيات (عصام) و(فالح) في “السفينة” و(حسين) في (صيادون في شارع ضيق)، وأغلب شخصيات (البحث عن وليد مسعود)؟”، أجاب قائلاً: والله هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الكلام، أمر طريف”. وحين لم نكتف بذلك وضربنا له مثالاً من إحدى رواياته المذكورة، رأينا ان فيه بعض أنفاس فوكنر في رواية “الصخب والعنف”، أجاب مصيباً بهدوء وتشخيص: “هذا كما تقول من مهمة الناقد أو الدارس”(17).
أما عبد الرحمن مجيد الربيعي فقد كان أكثر تصريحاً وموافقة على احتمال تأثير بعض الكتاب فيه، ولا سيما إرنست همنغوي وإلى حد ما وليم فوكنر، في رده على سؤالنا عن ذلك، إذ قال: “لا أنكر عليك بأنني قد قرأت هذين الكاتبين بالذات وإن كان تأثري كبيراً أيضاً بالرواية الوجودية بشكل خاص والتي ظهرت في الستينيات، لكنني أُعجبت كل الإعجاب بهمنغوي ووليم فوكنر، ولم أترك عملاً لهما إلا قرأته، واذكر بأنني قد قرأت “سارتوريز” و”الصخب والعنف” مرات عديدة ، كما أنني قرأت أعمال همنغوي “وداعاً أيها السلاح” و”الشيخ والبحر” و” وتشرق الشمس ثانية” وكل رواياته وقصصه القصيرة، وقد قرأت كل رواياته في فترة مبكرة في أوائل الستينيات، وأعدت قراءتها مرات… ووليم فوكنر أيضاً قرأت له وإن كان أكثر صعوبة من همنغوي. فالأخير أكثر إشراقاً منه وأكثر سهولة وإن كانت سهولته ممتنعة. ومع هذا فإن هناك حقيقة يجب أن تعرفها ويعرفها الآخرون أيضاً، وهي أن الكاتب العظيم أو الكاتب الجيد غير معزول عن عصره وأن عليه أن يطلع على كل التجارب سواء التجارب التي سبقته أو تجارب أبناء جيله”(18).

(3)
والآن لماذا تكون مثل هذه الحساسية لدى الأباء العرب، ولا نعرفها لدى أدباء الغرب مثلاً؟ لربما هذا ما تصعب الأجابة عليه بتعليلات قاطعة ومقنعة بشكل عام. وكل ما يمكن أن يقال بهذا الشأن لا يتعدى الافتراضات والاحتمالات. من ذلك مثلاً التخلف النسبي للأدب العربي الحديث مقارنةً بالآداب العربي، في أجناس أدبية بالذات؛ ثم وتعلقاً بذلك قصر عمر بعض تلك الأجناس الأدبية مقارنةً بمثيلاتها الغربيات، مثل القصة والرواية والمسرحية؛ والتخلف النسبي إن لم نقل الكبير للنقد العربي الحديث، مقارنة أيضاً بما شهده النقد عالمياً من تطور للنظريات والمدارس المختلفة، وما يستتبعه هذا التخلف من ضعف الوعي النقدي لدى الأديب والقارئ وربما الناقد؛ ثم أخيراً طبيعة شخصية الإنسان العربي الحدية أو غير المرنة.
ونرى شخصياً أن مما يمكن أن يكون سبباً آخر لهذه الحساسية، أو لتقويتها، ما أشرنا إليه في بداية دراستنا هذه، نعني الفهم الخاطئ وربما الساذج أحياناً لما يعنيه التأثير والتأثر بشكل خاص، والجهل الكبير نسبياً بالأدب المقارن وإنجازاته بشكل عام. الواقع أن تجربتنا مع الأدب المقارن والكتابة فيه وفي تطبيقاته من جهة، واستقراء للمتابعات (النقدية) لكتاب الصحافة الثقافية تكشف لنا عما نذهب إليه هنا. ولأننا لا ننوي الدخول في ما لم نرد أن يكون ضمن اهتمامات بحثنا إلا بحدود ما يدعم موضوع هذه الاحتمالات وعلاقتها بمحور دراستنا، يكون من المفيد التمثيل برأي يجسّد الفهم حين يكون بسيطاً أو سطحياً. ففي سياق حماسة وتعاطف، لا شك في صدقه، مع الروائي عبد الخالق الركابي، لبس أحد النقاد لبوس المدافع عما لا يحتاج إلى دفاع والمهاجم لما لا يستحق أن يهاجَم، وقال:
“أقول إنه شيء مؤلم ويوخز النفس، ما أن يظهر عمل عراقي متميز في الرواية او القصة القصيرة أو الشعر حتى ينبري له (حواريو النتناص والتأثر والاقتباس) في محاولة جادة للحط من شأنه وعده تقليداً أو اقتفاءً لعمل أجنبي. وهذه ظاهرة مؤسفة ومؤلمة انتشرت بشكل لافت للنظر كأنها عقدة من أي عمل أدبي يتجاوز القياسات التقليدجية. فإن كان ماركيز وكونديرا وبورخس وإيكو كباراً، فإن محمد خضير وغائب طعمة فرمان وعبدالخالق الركابي وفؤاد التكرلي هم كبار أيضاً في كل المقاييس الأدبية”(19).
فواضح أن صاحب الرأي ينطلق هنا من فهم القول بالتأثر على أنه اتهام وغض من مكانة المتأثر وأصالته واستصغار له. والحقيقة أن مثل هذا يتعدى الناقد الشاب أو المبتدئ أو المتابع النقدي الصحفي– إن صح التعبير– لا إلى نقاد كبار ودارسين متمرسين فحسب، بل إلى أساتذة جامعيين. نستعين هنا مرة أخرى بتجربتنا العملية، فنستذكر أننا في نهاية قراءتنا لورقة بحثية عن تأثير فرانز كافكا في روائيين عرب، صمن محاضرات أحد المؤتمرات الأكاديمية، فوجئنا بأستاذين يهنئاننا على بحثنا، لا لعلميته أو عمقه أو شموليته أو لغنى ما قدمناه فيه من تشحيصات، كما يُفترض أن يفعله الباحث في أية دراسة تطبيقية مقارنة، بل لأننا “فضحنا أولئك الروئيين العرب الذين يدّعون أنهم كتاب كبار”– على حد تعبير الأستاذين. وهكذا ذبحا البحث من الوريد إلى الوريد– كما يقال– حين فهما ما سعينا إلى تحقيقه من تأصيل الرواية العربية ، وإسهام في الكشف عن مغاليق نصوصها وعن إفادتها من تجارب السابقين بما يقود إلى الإبداع، على أنه كشف لسرقات وفضح لأدباء، وكأن كل أهمية (الأدب المقارن) وفائدته تكمن في هذه (الوظيفة) الساذجة.
إن من الطبيعي أن تقود مثل هذه الأشكال من الفهم الخاطئ للأدب المقارن، بعض المبدعين إلى أن يتحسسوا بسلبيةِ القول بتأثرهم أو تأثر بعض أعمالهم بأدباء آخرين أو مؤلفات أخرى، لا سيما حين يكون لمثل هذه الأشكال من الفهم مريدون. ولنا بعد هذا أن نفهم هؤلاء المبدعين في حساسيتهم المفرطة، إذا ما عرفنا أن هذه الأشكال هي الأعم وأن أصحابها الأكثر متابعة للنشاط الثقافي على المستوى الصحفي من المتخصصين.

(4)
ونعود إلى التأثير والتأثر، ولكن بمعزل عن الفهم الخاطئ هذه المرة، لنقول إن أي أدب قومي ، كما هو شأن أي قومية وأي مجتمع ، لا يمكن أن يعيش وينمو ويتطور بمعزل عن الآداب القومية الأخرى. إن أمر التأثير والتأثر واقع لا محال على مستوى الآداب القومية عموماً، وعلى مستوى الأدباء، بل الأعمال– فرادى– أيضاَ. والواقع أن تفاعل الأدب العربي مع غيره من الآداب أمر متحقق دائماً في تأثيره وتأثره. وإذا ما كان تأثيره أوضح في العصور القديمة– الإسلامية على وجه الخصوص– بفعل انتشار الإسلام وما استتبعه من انتشار حتمي للغة العربية وثقافتها وآدابها وعلومها، فإن تأثره يبدو أوضح في العصر الحديث في كل الأجناس الأدبية ومن خلال كلك الجوانب الفنية والموضوعية، خصوصاً في القصة والرواية كونهما فنين حديثين منتقلين أصلاً من الآداب الغربية. من هنا أمكن القول بسهولة، وبعد مراجعات نقدية عامة، إن تفاعلات مختلفة قد تحققت لأدباء عرب، وضمنهم قصاصون وروائيون، مع إنجازات الآداب العالمية في هذين الفنين، وإن هذه التفاعلات قد فعلت فعلها في تطور الآداب القصصية والروائية في كل الأقطار العربية وامتدادها في هذا الاتجاه أو ذاك، كما هو- إلى حد كبير– شأن أعمال كل قاص وروائي عربي نتناوله. إن هذا الواقع إذ يرسخ بديهية وقوع التأثر في هذه النتاجات وفي الكتابة العربية عموماً، بالآداب القصصية والروائية العالمية ، فإنه لا يعيب هذه الكتابة. وإذ لا يوجد في هذا ما نخشاه على الأدب وأصالته وعمقه التأريخي وعطاءاته المتواصلة، بل خصوصيته ، لأنه لا يمس ذلك كله إن لم نقل أنه يعمقه، فإنه أيضاً لا يُخشى تأثره على مستوى الأديب– الفرد– فليس من كاتب في أي أدب قومي، وضمن أي فن أدبي بمنجى من ذلك، بل هو أمر لا مفر منه للوصول والتطور والتواصل. من هنا لم يكن غربياُ أن يقرّ كتّاب كبار بما يقع عليهم من تأثيرات. فهذا كبير الرواية الأمريكية وأحد أعمدة الرواية في العالم، وليم فوكنر مثلاً يقر بدون تردد بتأثير آخرين فيه، بل هو يقول: إن شيروود أندرسون “قد كان أب كل أعمالي، وأعمال همنغوي، وفيتزجيرالد.. إلخ. كلهم كانوا متأثرين به”(20). وهذا إرنست همنغوي لا يكتفي بالإشارة إلى كاتب مؤثر واحد، بل هو يشير إلى مارك توين وفلوبير وستندال وتشيخوف ودستويفسكي وآخرين(21). والأمر نفسه أقرّ به كامو وفيتزجيرالد وآخرون، كما لم يتردد في الإقرار به كتاب عرب كبار مثل جبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن مجيد الربيعي– كما رأينا– إضافة إلى نجيب محفوظ وغسان كنفاني وغيرهم. وقبل هؤلاء كلهم نتذكر إشارة غوتة البليغة في تعليقه على تهنئة مدير أعماله له لمناسبة صدور المجموعة الكاملة لمؤلفاته، بأنها كلها ليست من عنده. فمع ما قد يعكس ظاهر الإشارة من الاقتباس واللا أصالة، وربما السرقة، مما لم يفعله غوته في أعماله ولم يقل به أحد بالطبع، فإن الأمر غير ذلك تماماُ، إذ هو يعني ان كل ما يدخل الكتابة والإبداع عموماً من أفكار وما تنطوي عليه من موضوعات ومعالجات إنما هو مطروح للجميع، وليس هناك ما لم يقله الآخرون قبلاً. ويبقى المهم هو كيف نأخذ هذا المطروح ونتلقاه ونستوعبه ونهضمه لنعود فنقدمه بلبوسنا ونفسنا وشخصيتنا، ونضفي عليه ما يجعله لنا لا للآخرين ،مع كل ما يمكن أن يلمسه فيه المتلقون من أولئك الآخرين الذين سبقونا.
والواقع أن التراث العربي لم يغفل هذا، فكلنا يعرف حكاية أبي نؤس حين أراد من خلف الأحمر أن يجيزه نظم الشعر، ففرض عليه هذا حفظ ألف مقطوعة شعرية. ففعل، ثم عاد وطلب منه بعد حين نسيانها وكأنه لم يحفظها، ففعل ما طلبه منه خلف، وعندها فقط قال له: “الآن أنظم الشعر”(22). وعلى شيء من هذا يأتي حديث لنجيب محفوظ يقول فيه بأننا يجب أن نميز بين ثلاثة أشياء ضمن هذا الموضوع: “التقليد والتأثر والسرقة، فهي أشياء تختلف عن بعضها البعض كل الاختلاف، وهذا أيضاَ يقودنا إلى الحديث عن العمل الفني نفسه، حيث يمكننا أن نقسم العمل الفني إلى موضوع ومضمون وتكنيك. وبالنسبة للموضوع نجد أنه مقتبس بالضرورة، أما من التأريخ مثل (قيصر وكيلوباترا)، أو من الأدب مثل أسطورة “بيجماليون” وأسطورة “أوديب”. وإذا تركنا الموضوع في الأدب إلى المضمون وجدنا نفس الشيء. فالمضمون هو ما يُسمى بالتعبير الشائع (المغزى)، وهنا أيضاً نرى الاقتباس موجوداً ولا مفرّ منه. الأديب لا يبتكر مضمون أدبه، وإنما يقتبسه من مصدره. بقي العنصر الثالث في الأدب بعد الموضوع والمضمون. في مجال التكنيك فإننا نستطيع أن نقول إنه الشيء الوحيد الذي ابتكره الفنان. ولكن أساليب التكنيك في مجال الأدب على مر العصور المختلقة لا تزيد على عشرة أساليب. وإذا ما حسبنا الأدباء بحسبان التكنيك فلن نجد في أدب العالم سوى عشرة أدباء هم الذين ابتكروا الأسس المختلفة للمدارس الفنية. فهل نرفض الاعتراف بغيرهم من الأدباء لأنهم لم يبتكروا أساليب جديدة في التكنيك؟ بالطبع لا.. لا يمكننا أن نقف مثل هذا الموقف”(23).
ولكن يبقى المتغير أو الاختلاف أو الملمح الخاص هو الذي يمنح الأديب خصوصيته وشخصيته ويمنح نتاجه هويته، حتى وهو يتأثر، وربما يقتبس. هذا يميز الأديب في أدبه ويمنحه ذلك، هو في الوقت عينه الذي يجعله في منجى من أن يشكك به وبموهبته وبأصالته أحد، إذا ما تكلمنا عن تأثره بغيره. وفي النتيجة، وفي هذه الحالة، يجب أن يكون بعيداً عن أن تتمكن حساسيته منه.


الهوامش والمصادر:
(1)هاري ليفن: مقارنه الأدب، ترجمة صالح الحافظ، مجلة الثقافة الأجنبية، ع2، 1994، ص3.
(2)Philip Young: Ernest Hemingway, London, 1972, p32.
(3)لطبيعة الموضوع الخاصة، سنُضطر إلى الرجوع إلى الصحف والمجلات مقتبسين الأمثلة التي يهم البحث التمثيل بها إلى جانب بعض تجاربنا الشخصية.
(4)حوار أجري مع القاص، جريدة الجمهورية (بغداد)، الأحد الثقافي، 23/8/1992.
(5)انظر: الحوار الذي أجريناه مع الكاتب، ملحق كتابنا: الرواية في العراق 1965-1980 وتأثير الرواية الأمريكية فيها، بغداد، 1983، ص237- 239 .
(6)المصدر السابق، ص237 .
(7)المصدر السابق، ص237 – 238 .
(8)المصدر السابق، ص238 .
(9)الواقع أن نقاد الأدب المقارن يعون احتمال الوقوع في مثل هذا المحذور وينبهون عليه. يقول هنري جيفورد في هذا الشأن: “إن الدارس المقارن يعمل تحت جميع الصعوبات. وعليه أن يتحمل العديد من المجازفات، فهو عرضة، بشكل اكثر وضوحاً من بقية النقاد، للوقوع في الوهم”.
H. Gifford: Comparative Literature, London, 1969, p (xii).
(10) رسالة خاصة من الكاتب، موسكو، كانون الثاني (يناير) 1983.
(11) صنع الله إبراهيم: تجربتي الروائية ، مجلة الآداب ، ع 3 ، 1980 ، ص102 .
(12) لقد تناولنا هذا تفصيلاً في موضوع: “عبد الخالق الركابي وماركيز وآخرون.. وقفة عند العلاقات الأدبية والتأثير والتأثر”. انظر كتابنا: في الأدب المقارن.. مقدمات للتطبيق، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمّان، 2001، ص 72– 87.
(13) نعتقد أن المحاوِرة زهراء حسن تتحمل جزءاً من ردة الفعل هذه \، إذ حمل شيئاً من الاستفزاز سؤالها: “ظهر أثر ماركيز السحري واضحاً في بعض كتاب القصة والرواية حتى باتت قصصهم عبارة عن إعادة لأسلوبه. من تعتقد من الكتاب يشبه ماركيز في كتاباته؟”. عبد الخالق الركابي: سابع أيام الخلق أقرب الروايات إلى النفس، حوار مع الكاتب أجرته زهراء حسن هاشم، ألف باء، 2/4/1997، ص35 .
(14) المصدر السابق.
(15) الرواية في العراق، مصدر سابق، ص245.
(16) حوار أجريناه مع الكاتب، المصدر السابق، ص247.
(17) حوار أجريناه مع الكاتب، المصدر السابق، ص271.
(18) حوار أجريناه مع الكاتب، المصدر السابق، ص 255– 256.
(19) محمد درويش علي: الكاتب العراقي ولعنة التناص، جريدة الثورة (بغداد)، 2/10/1996.
(20)Meriwether and Michael Millgat: Lion in the Garden, Interviews with William Faulkner 1926-1962, New York,1968, p101.
(21)See: C. Baker: Hemingway and His Critics, New York, 1966, p27.
(22) ابن منظور: أخبار أبي نؤاس، القاهرة، 1924، ص267.
(23) نجيب محفوظ: أتحدث إليكم، لقاءات وأحاديث جمعها صبري حافظ ،بيروت، 1977، ص134 – 135.

إضافة : ابنة يوسف إدريس تُنكر أن يكون ليوسف إدريس تأثير فيها.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

دراسة عن دروب وحشية

تشكلات البناء السردي في رواية دروب وحشية للناقد نجم عبد الله كاظم أنفال_كاظم جريدة اوروك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *