الأديب سبع سنوات ثقافة نبيلة

الأديب..
سبع سنوات ثقافة نبيلة

نعتقد أن تقييم أي مطبوع ثقافي دوري عربي يكون من خلال مقارنته بنظرائه من المطبوعات أولاً؛ وعلاقاته بالكتّاب ونوعية المساهمين منهم في الكتابة فيه ثانياً؛ ومدى إسهامه في إثراء الحياة الثقافية الوطنية والعربية عموماً كما يعكسها كتّابها وكتاباتها ثالثاً؛ وحجم انتشار هذا المطبوع وعلاقاته بالقراء أخيراً. وإذ لا تسمح طبيعة مقالتنا وحجمها بالتفصيل في كل هذا، مع اعتقادنا في أن جريدة “الأديب” تفرض نفسها تميزاً وعطاءً عند المحاججة وفق أيّ من تلك المعايير، فإننا سنؤشر هنا، من خلال اعتماد تلك المعايير ضمناً، بعض ما نراه واضحاً ولا يحتاج إلى كبير بحث أو تأمل.
لعل أول ما يجذب انتباه قارئ “الأديب”، هو نوعية المطبوع الذي بالضرورة وراءه نوعية كتّابها وهيئة تحريرها. لماذا الكتاب وهيئة التحرير تحديداً؟ فبسبب ما نراه من علاقة الاثنين ببعضهما.. أستعيد هنا توجيهاً أو إشارة ذكية صدرت مرة من مسؤول أحد المطبوعات الثقافية العراقية حين قال: “إننا يجب أن لا ننتظر أن يأتي الكاتب إلينا، بل يجب أن نطرق نحن الباب عليه”. وهذا ما تتمثله اليوم هيئة تحرير جريدة “الأديب”، ولا سيما رئيس تحريرها الأخ العزيز الناقد عباس عبد جاسم الذي تراه مشغولاً دوماً في البحث عن الكتاب والتواصل معهم ودعوتهم للإسهام في مطبوعه الرائد دون ملل أو كلل. ومن هنا، ولأنهما يبحثان عن النوعية، كان أن استطاع رئيس التحرير وهيئته، كما لم يستطع أحد من قبل، بحدود متابعاتنا، أن يخرج العديد من الأكاديميين من معتكفاتهم وانشغالاتهم الأكاديمية ليقتحموا الوسط الثقافي، من خلال هذا المطبوع، إلى درجة أن سجل البعض عليه ما رآه ذلك البعض، وما هو بالتأكيد كذلك، نعني ما قد يُرى على أنه هيمنة للأكاديميين على الجريدة. والواقع أن ذلك كله كان وراء صفة النخبوية التي اتسمت بها مجموعة كتّابها، التي قادتها بالضرورة إلى نوعية من الثقافة أسميها (الثقافة النبيلة)، وأعني بها التي لا تُكتب في ضوئها المقالات والدراسات لغرض الكتابة ذاتها، كما يمكن أن نلاحظ ذلك في الكثير من الصفحات الثقافية في دورياتنا، بل لأنها تريد دوماً أن تقول شيئاً، وكثيراً ما يكون هذا الشيء جديداً. كما أنها تترفع على الهموم الفردية، ولا تنعزل عن قضايا الوطن والأمة عموماً وقضايا الثقافة والمثقفين خصوصاً، وتترجم رأي الثقافة والمثقف في كل شيء. وكان من الطبيعي، إضافة إلى ذلك، أن تتسم الجريدة بالعلمية والرصانة. ولكن الجريدة هنا، ولنكن صريحاً ونحن نسجل ما لها وما عليها، وقعت في ما نراه مأخذاً يمكن معالجته بشيء من السهولة، وهو أن نخبوية كتّابها وكتاباتها قادت إلى أن تكون الجريدة نخبويةَ القرّاء، وهو ما لا نتمناه لها. وحين نقول نخبوية القراء فنحن لا نعني أن قراءها من فئة المثقفين أو المهتمين بالثقافة عموماً، لأن من الطبيعي أن تكون كذلك، كونها جريدة ثقافية، وإلى حد كبير أدبية تحديداً، ولكننا نعني أن قراءها هم نخبة من هذه الفئة، وهي النخبة التي تكاد تكون نخبة الكتّاب فقط، خصوصاً أن بعض موضوعاتها تدخل في أضيق التخصصات وعليه فهي لا تهم إلا ما لا يزيد على عدد أصابع اليدين من المثقفين
أن تكون “الأديب” جريدة ثقافية يجب، برأينا، أن تخاطب كل المثقفين وتستهدف كل المثقفين وتطمح أن يكون قراؤها كل المثقفين، وهو ما لا نعتقد أنه متحقق. أما السبيل للخروج من هذه الزاوية التي تحصرها هيئة تحريرها فيها، فيتم برأينا عبر الآتي، مما هو شبه هامشي حالياً في الجريدة:

  • اعتماد بعض المرونة في طبيعة الموضوعات التي تنشرها، وتقليل المتخصصة تخصصاً ضيقاً منها.
  • توسيع مساحة الأخبار الثقافية، بما في ذلك متابعة أخبار الكّتاب والأدباء والفنانين.
  • التعريف بآخر الإصدارات، بما في ذلك تقديم عروض لبعض أهمها.
  • تغطية بعض المؤتمرات والملتقيات والندوات الثقافية.
  • التعريف بالكتّاب والأدباء والفنانين العراقيين والعرب والعالميين.
    وسواء بقيت “الأديب” على وضعها، أم اعتمدت هذه المقترحات، أم أخذت ببعضها، فإنها عندنا تبقى جريدة النوع والرصانة والثقافة النبيلة كما أثبتتها سبع سنوات من حافلة بالعطاء، ما دام وراءها هيئة التحرير النبيلة ورئاسة تحريرها النبيل.
    د. نجم عبدالله كاظم

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

رعب كافكوي في قصص يحيى جواد

رعب كافكوي في قصص يحيى جوادقراءة لمجموعة “الرعب والرجال” في ضوء المنهج النفسيمنشورةأ د. نجم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *