وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
إنه الجراد: طه حامد الشبيب
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “إنه الجراد” (1995)، لطه حامد الشبيب، (الحلة/ 1953).
طه حامد الشبيب هو أحد أكثر الروائيين العراقيين غزارة، فقد تجاوزت رواياته التي بدأت برواية “إنه الجراد” عام 1995، ثلاث عشرة. وعُرفت رواياته بصعوبتها وبثقل ما يحمّلها الكاتب من أفكار ورؤى قد لا يصل بعضها إلى معظم القراء، بل النقاد. وأيّاً كان الموقف من هذا، يبقى طه الشبيب أحد أبرز روائيي العراق في العقدين الأخيرين.
“يُبدي الكاتب، في (إنه الجراد) شغفاً غير عادي بكل شخصية ليقدّم تفاصيل ما يتعلق بها، بما في ذلك بشكل خاص خلفياتها، بمن فيها الشخصيات الثانوية وربما العابرة. ولا يمكن أن نعدّ هذا بالضرورة مأخذاً، بقدر ما هو يمثل رؤية موضوعية وفنية قد ترى أن كل ذلك إنما يشترك في تكوين العالم الذي تقدمه الرواية بمكوناته ومنها الشخصيات رئيسها وثانويّها، وكبيرها وصغيرها. وربما لذلك مبرر آخر، وهو أن الشبيب يتعامل مع روايته وكأنها، في وجه من الوجوه، حكايات شعبية مقدّمة بشكل معاصر، الأمر الذي قد يفرض أن يتعرف القارئ على أحد أهم عناصرها، وكما هي في الحكايات الشعبية، وهو الشخصيات.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“حينما حلّ المساء، كان صفوك البخيت وأولاده الفتية قد عادوا إلى الدار، بينما كانت نورة تجذب آخر رغيفَيْ خبر من التنور الساخن. بعد ربع ساعة كانت صينية العشاء تتوسطهم، وكانت نوره وأمه تنتظران ما يبقى في الإطباق، وقد شُغلن بإعداد الشاي الذي يجب أن يكون جاهزاً قبل أن يغسل الرجال أيديهم مما علق بها من طعام.” من رواية “إنه الجراد، لطه حامد الشبيب.