آراء الأطفال

(3) آراء الاطفال

د. نجم عبد الله كاظم
وسط فعاليات الطفولة وثقافة الطفل الجميلة تنشط فرق التغطية التلفزيونية المكون من عناصر معروفة بتعاملها مع الطفل والطفولة. فيروح يتجول في ميادين هذه الفعاليات المختلفة، ليس بحثا عن الأدباء والفنانين والمثقفين عموماً، بل عن الأطفال أنفسهم كونهم بالطبع الجمهور الحقيقي لهذه الفعاليات، ليسجلوا لهم انطباعاتهم وآراءهم، أو ما يفترض ان يكون كذلك، في سابقة جميلة وذكية. فليس هناك أفضل من الأطفال لمعرفة مدى نجاح البرامج الموجهة إليهم، وبالتالي فالخطوة مبادرة يستحق أصحابها الثناء. لكن المفاجأة التي تنسف ذلك وتفوت إمكانية الاستفادة من هذا الجمهور الخاص كانت في عملية التلقين، التي يقوم بها بعض أفراد الفرق التلفزيونية والمسؤولين عن الفعاليات نفسها، للاطفال الذين يبدو واضحاً أن الكثير منهم مستعدون للمبادرة طوعيا للكلام وإبداء الرأي، الصريح والوصادق بالطبع، عن الفعاليات، بدلاً مما نسمعه من همسات أولئك الأفراد: (قل كانت الفعاليات جميلة.. وأنا أحببتها.. وحلوة جداً.. وتعلمنا..الخ). وما كان هناك من داعٍ لذلك لأن فسح المجال للأطفال للتعبير عن آرائهم وانطباعاتهم يتيح لهم، من خلال عفويتهم، قول ما هو أصدق وأجمل، بل أبلغ من تلك التي يتلقونها من الكبار. ولا ندري في الواقع دافع الملقّنين وهم يفعلون ذلك، أهو عدم الثقة بالطفل أو الخوف مما قد يرصده في العمل الفني، ويعبر عنه، من خلال عفويته نفسها، من سلبيات ومآخذ، أم شيء آخر؟
إن هذا يذكرنا بظاهرة أعم وأشمل تخص بعض البرامج الموجهة للطفل والتي نلمس فيها بوضوح عدم الثقة بالطفل، ليكون البديل الخاطئ، التلقين الذي يتلقاه من الكبار. وهو في الحقيقة ليس بحاجة إلى اكثر من تلك الثقة، ولا بأس ببعض التوجيه، وإلا خرجت برامجه عن أن تكون برامج أطفال، ولنا في برامج الأعياد والمناسبات الوطنية بشكل خاص أمثلة لسلبية هذا التوجه حين يتحدث فيها الصغار بشكل يصعب حتى على بعض البالغين صياغته أو ربما استيعابه، لنستنتج بسهولة أن ما يقوله ليس من عندهم بل بمن هو وراءهم من الكبار. وهذه الظاهرة تبدو على النقيض تماماً من تجارب معروفة في التلفزيون العراقي كانت وراءها إذاعيون معروفون، منهم شميم رسام مثلاً ضمن نشاطها المتميز في المهرجانات الكبرى، مثل مهرجان بابل، حين كانت تلتقي، ضمن من تلتقي بهم، بأطفال من الواضح والمؤكد أنها تختارهم عشوائياً لتدعهم يعبرون عن آرائهم بكل حرية وبلغتهم الخاصة التي تكون أحياناً أكثر دقة، وبالتأكيد أكثر صدقاً، من آراء الكبار. جريدة (القادسية)- بغداد، 1989

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

رعب كافكوي في قصص يحيى جواد

رعب كافكوي في قصص يحيى جوادقراءة لمجموعة “الرعب والرجال” في ضوء المنهج النفسيمنشورةأ د. نجم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *